2359 - حدثنا علي بن شيبة ، قال : ثنا ، قال : ثنا معاوية بن عمرو الأزدي ، عن زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، قال : أبيه أبا بكر ، فليصل بالناس . فقالت رضي الله عنها إن عائشة أبا بكر رجل رقيق ، فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، فإنكن صواحب يوسف مرض النبي صلى الله عليه وسلم فقال : مروا .
[ ص: 407 ] قال : قام أبو بكر في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان من الحجة عليهم في ذلك أنه قد روي هذا الحديث الذي قد ذكروه . ولكن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته تلك تدل على أنه كان إماما ، وذلك أن قالت في حديث عائشة عنها فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يسار الأسود أبي بكر وذلك قعود الإمام لأنه لو كان أبو بكر إماما له ، لكان النبي صلى الله عليه وسلم يقعد عن يمينه . فلما قعد عن يساره وكان أبو بكر عن يمينه ، دل ذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام ، وأن أبا بكر هو المأموم .
وحجة أخرى ، أن رضي الله عنهما قال في حديثه فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة من حيث انتهى عبد الله بن عباس أبو بكر .
ففي ذلك ما يدل أن أبا بكر قطع القراءة ، وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم .
فذلك دليل أنه كان الإمام ، ولولا ذلك ، لم يقرأ ، لأن تلك الصلاة كانت صلاة يجهر فيها بالقراءة ، ولولا ذلك لما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم الموضع الذي انتهى إليه أبو بكر من القراءة ، ولا علمه من خلف أبي بكر .
فلما ثبت بما وصفنا أن تلك الصلاة ، كانت مما يجهر فيها بالقراءة ، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، وكان الناس جميعا لا يختلفون أن المأموم لا يقرأ خلف الإمام ، كما يقرأ الإمام . ثبت بذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في تلك الصلاة إماما .
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار .
وأما وجهه من طريق النظر ، فإنا رأينا الأصل المجتمع عليه أن دخول المأموم في صلاة الإمام ، قد يوجب فرضا على المأموم ، ولم يكن عليه قبل دخوله ، ولم نره يسقط عنه فرضا قد كان عليه قبل دخوله .
فمن ذلك أنا رأينا المسافر يدخل في صلاة المقيم ، فيجب عليه أن يصلي صلاة المقيم أربعا ، ولم يكن ذلك واجبا عليه قبل دخوله معه ، وإنما أوجبه عليه دخوله معه .
ورأينا مقيما لو دخل في صلاة مسافر صلى بصلاته ، حتى إذا فرغ أتى بتمام صلاة المقيم ، فلم يسقط عن المقيم فرض بدخوله مع المسافر ، وكان فرضه على حاله غير ساقط منه شيء .
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك الصحيح الذي كان عليه فرض القيام إذا دخل مع المريض ، الذي قد سقط عنه فرض القيام في صلاته ، أن لا يكون ذلك الدخول مسقطا عنه فرضا كان عليه قبل دخوله في الصلاة .
فإن قال قائل ، فإنا قد رأينا العبد الذي لا جمعة عليه ، يدخل في الجمعة ، فيجزيه من الظهر ، ويسقط عنه فرض قد كان عليه قبل دخوله مع الإمام فيها .
قيل له : هذا يؤكد ما قلنا ، وذلك أن العبد لم يجب عليه جمعة قبل دخوله فيها ، فلما دخل فيها مع من هي عليه ، كان دخوله إياها يوجب عليه ما هو واجب على إمامه ، فصار بذلك إذا وجب عليه ما هو واجب على إمامه ، في حكم [ ص: 408 ] مسافر لا جمعة عليه دخل في الجمعة ، فقد صارت واجبة عليه لوجوبها على إمامه ، وصارت مجزئة عنه من الظهر ، لأنها صارت بدلا منها . فكذلك العبد ، لما وجبت عليه الجمعة بدخوله فيها أجزأته من الظهر ، لأنها صارت بدلا منها .
فقد ثبت بما ذكرنا أن دخول الرجل في صلاة غيره ، قد يوجب عليه ما لم يكن واجبا عليه قبل دخوله فيها ، ولا يسقط عنه ما كان واجبا عليه قبل دخوله .
فثبت بذلك أن الصحيح الذي ، القيام في الصلاة واجب عليه ، إذا دخل مع من قد سقط عنه فرض القيام في صلاته ، لم يكن يسقط عنه بدخوله من القيام ما كان واجبا عليه قبل ذلك .
وهذا قول ، أبي حنيفة رحمهم الله . وأبي يوسف
وكان محمد الحسن رحمه الله يقول : لا يجوز لصحيح أن يأتم بمريض يصلي قاعدا ، وإن كان يركع ويسجد .
ويذهب إلى أن ما كان من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا في مرضه بالناس وهم قيام مخصوص ، لأنه قد فعل فيها ما لا يجوز لأحد بعده أن يفعله ، من أخذه في القراءة من حيث انتهى أبو بكر ، وخروج أبي بكر رضي الله عنه من الإمامة إلى أن صار مأموما في صلاة واحدة ، وهذا لا يجوز لأحد من بعده ، باتفاق المسلمين جميعا فدل ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد كان خص في صلاته تلك بما منع منه غيره .