1872 - وقد روينا من حديث عن شعبة ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن القاسم صالح بن خوات خلافا لذلك ؛ لأن في حديث يزيد بن رومان أنه ثبت بعدما صلى الركعة الأولى قائما ، وأتموا لأنفسهم ، ثم انصرفوا ثم جاءت الأخرى بعد ذلك .
وفي حديث عن شعبة عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن صالح بن خوات ، أنه صلى بطائفة منهم ركعة ، ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف هؤلاء ، ولم يذكر أنهم صلوا قبل أن ينصرفوا .
فقد خالف القاسم محمد بن يزيد بن رومان فإن كان هذا يؤخذ من طريق الإسناد فإن عبد الرحمن عن أبيه القاسم ، عن صالح بن خوات ، عن سهل بن أبي حثمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أحسن من يزيد بن رومان ، عن صالح ، عمن أخبره ، وإن تكافئا تضادا ، وإذا تضادا لم يكن لأحد الخصمين في أحدهما حجة ؛ إذ كان لخصمه عليه مثل ما له على خصمه .
فإن قال قائل : فإن قد روى عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد صالح بن خوات ، عن سهل ما يوافق ما روى يزيد بن رومان ليس بدون ويحيى بن سعيد في الضبط والحفظ . قيل له : عبد الرحمن بن القاسم كما ذكرت ولكن لم يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما أوقفه على يحيى بن سعيد سهل ، فقد يجوز أن يكون ما روى عن عبد الرحمن بن القاسم صالح هو الذي كذلك . كان عند سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ثم قال : هو من رأيه ما بقي فصار ذلك رأيا منه لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك لم يرفعه يحيى إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فلما احتمل ذلك ما ذكرنا ، ارتفع أن يقوم به حجة أيضا . والنظر يدفع ذلك ؛ لأنا لم نجد في شيء من الصلاة أن المأموم يصلي شيئا منها قبل الإمام ، وإنما يفعله المأموم مع فعل الإمام أو بعد فعل الإمام ، وإنما يلتمس علم ما اختلف فيه مما أجمع عليه .
[ ص: 314 ] فإن قالوا : قد رأينا تحويل الوجه عن القبلة قد يجوز في هذه الصلاة ، ولا يجوز في غيرها ، فما ينكرون قضاء المأموم قبل فراغ الإمام كذلك جوز في هذه الصلاة ، ولم يجوز في غيرها .
قيل له : إن تحويل الوجه عن القبلة قد رأيناه أبيح في غير هذه الصلاة للعذر فأبيح في هذه الصلاة كما أبيح في غيرها ، وذلك أنهم أجمعوا أن من كان منهزما فحضرت الصلاة فإنه يصلي ، وإن كان على غير قبلة . فلما كان قد يصلي كل الصلاة على غير قبلة لعلة العدو ، ولا يفسد ذلك عليه صلاته ، كان انصرافه على غير القبلة من بعض صلاته ، أحرى أن لا يضره ذلك .
فلما وجدنا أصلا في الصلاة إلى غير القبلة مجمعا عليه أنه قد يجوز بالعذر ، عطفنا عليه ما اختلف فيه من استدبار القبلة في الانصراف للعذر ، ولما لم نجد لقضاء المأموم قبل أن يفرغ الإمام من الصلاة أصلا فيما أجمع عليه يدل عليه فنعطفه عليه ، أبطلنا العمل به ورجعنا إلى الآثار الأخر التي قدمنا ذكرها ، التي معها التواتر وشواهد الإجماع .
وقد روي عن رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك كله . أبي هريرة