7319 ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: فالبيع جائز، وله فيه خيار الرؤية، إن شاء أخذه وإن شاء تركه، وذهبوا في تأويل الحديث الأول أن الملامسة المنهي عنها فيه هي بيع كان أهل الجاهلية يتبايعونه فيما بينهم، فكان الرجلان يتراوضان على الثوب، فإذا لمسه المساوم به كان بذلك مبتاعا له، ووجب على صاحبه تسليمه إليه. من اشترى شيئا غائبا عنه
وكذلك المنابذة كانوا أيضا يتقاولون في الثوب وفيما أشبهه، ثم يرميه ربه إلى الذي قاوله عليه، فيكون ذلك بيعا منه إياه ثوبه، ولا يكون له بعد ذلك نقضه، فنهى رسول الله -عليه السلام- عن ذلك، وجعل الحكم في البياعات أن لا يجب إلا بالمعاقدات المتراضى عليها، فقال: فجعل إلقاء أحدهما إلى صاحبه الثوب قبل أن يفارقه غير قاطع لخياره، ثم اختلف الناس بعد ذلك في كيفية تلك الفرقة، على ما قد ذكرنا من ذلك في موضعه من كتابنا هذا، وممن ذهب إلى هذا التأويل "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" - رضي الله عنه -. أبو حنيفة