6478 ص: فإن قال قائل: فإن في أمره إياهم بإهراقه بعد ذلك دليل على نسخ ما تقدم من الإباحة.
قيل له: وكيف يكون ذلك كذلك؟! وقد روي عن من كلامه بعد رسول الله -عليه السلام-: "حرمت الخمر بعينها، والسكر من كل شراب" وقد ذكرنا بإسناده فيما تقدم من هذا الكتاب، وهو الذي روي عنه ما ذكرت، فدل ذلك أن التحريم في الأشربة كان على الخمر بعينها قليلها وكثيرها، والسكر من غيرها، فكيف يجوز على ابن عباس مع علمه وفضله أن يكون قد روى عن النبي -عليه السلام- ما يوجب تحريم النبيذ الشديد، ثم يقول: حرمت الخمر بعينها، والسكر من كل شراب، فيعلم الناس أن قليل الشراب من غير الخمر وإن كان كثيره يسكر حلال؟! هذا غير جائز عليه [ ص: 118 ] عندنا، ولكن معنى ما أراد بإهراق النبيذ في حديث قيس: أنه لم يأمنهم عليه أن يسرعوا في شربه فيسكروا ابن عباس عليهم، فأمرهم بإهراقه لذلك. السكر المحرم