2739 2740 2741 ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا مبشر بن الحسن ، قال : ثنا ، قال : ثنا أبو عامر ، عن شعبة ، قال : سمعت ليث بن أبي سليم يحدث ، عن أبا بردة " أبيه : . أن النبي - عليه السلام - مر عليه بجنازة وهم يسرعون بها ، فقال : "ليكن عليكم السكينة "
فلم يكن عندنا في هذا الحديث حجة على أهل المقالة الأولى ; لأنه قد يجوز أن يكون في مشيهم ذلك عنف ، يجاوز ما أمروا به في الأحاديث الأول من السرعة ، فنظرنا في ذلك هل نجد في ذلك دليلا يدلنا على شيء من ذلك ؟ فإذا عبد الله بن محمد بن خشيش البصري قد حدثنا ، قال : ثنا ، قال : ثنا أبو الوليد ، عن زائدة ، عن ليث ، عن أبي بردة ، قال : " أبيه مر على رسول الله بجنازة يسرعون بها المشي وهي تمخض كمخض الزق ، فقال : عليكم بالقصد بجنائزكم " .
معنى هذا الحديث أن الميت كان يمخض لتلك السرعة كمخض الزق ، فيحتمل أن يكون أمرهم بالقصد ; لأن تلك السرعة سرعة يخاف منها أن يكون من الميت شيء ، فنهاهم عن ذلك ، فكان ما أمرهم به من السرعة في الآثار الأول هي أفضل من هذه السرعة .
فنظرنا في ذلك أيضا هل روي فيه شيء يدلنا على شيء من هذا المعنى ؟ فإذا ، قد حدثنا ، قال : ثنا أبو أمية ، قال : أنا عبيد الله بن موسى ، عن الحسن بن صالح يحيى الجابر ، عن أبي ماجدة ، عن - رضي الله عنه - قال : " ابن مسعود سألنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن السير بالجنازة ، فقال : ما دون الخبب ، فإن يك مؤمنا عجل بالخير ، وإن يك كافرا فبعدا لأهل النار " .
فأخبر رسول الله - عليه السلام - في هذا الحديث أن السير بالجنازة هو ما دون الخبب ، . فذلك عندنا دون ما كانوا يفعلون في حديث أبي موسى ، حتى أمرهم رسول الله - عليه السلام - بما [ ص: 234 ] أمرهم به من ذلك ، ومثل ما أمر به من السرعة في حديث أبي هريرة ; فبهذا نأخذ ، وهو قول ، أبي حنيفة ، وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله .