1154 ص: وقد روي عن أصحابه من بعده -رضي الله عنهم- ما يدل على ذلك أيضا.
حدثنا يونس ، قال: أنا ، أن ابن وهب حدثه، عن مالكا : أن نافع -رضي الله عنه- كتب إلى عماله: إن أهم أمركم عندي: الصلاة، من حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، صلوا العصر والشمس بيضاء مرتفعة بيضاء نقية، قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلاثة" . عمر
حدثنا ، قال: حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا نعيم بن حماد يزيد بن أبي حكيم ، عن الحكم بن أبان ، عن قال: "كنا مع عكرمة -رضي الله عنه-، في جنازة فلم يصل العصر، وسكت حتى راجعناه مرارا فلم يصل العصر حتى رأينا الشمس على رأس أطول جبل أبي هريرة بالمدينة " .
حدثنا ، قال: ثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا أبو عامر العقدي ، عن سفيان ، عن منصور قال: "كان من كان قبلكم أشد تعجيلا للظهر، وأشد تأخيرا للعصر منكم" . إبراهيم
فهذا -رضي الله عنه- يكتب إلى عماله وهم من أصحاب النبي -عليه السلام- يأمرهم بأن يصلوا العصر والشمس بيضاء مرتفعة، ثم عمر قد أخرها حتى رآها أبو هريرة على رأس أطول جبل عكرمة بالمدينة ، ثم يخبر عمن كان قبله يعني من أصحاب النبي -عليه السلام- إبراهيم
[ ص: 489 ] وأصحاب عبد الله أنهم كانوا أشد تأخيرا للعصر ممن بعدهم، فلما جاء هذا من أفعالهم ومن أقوالهم مؤتلفا على ما ذكرناه، وروي عن النبي -عليه السلام- أنه كان يصليها والشمس مرتفعة، وفي بعض الآثار: "محلقة" وجب التمسك بهذه الأخبار، وترك خلافها، وأن تؤخر العصر حتى لا يكون تأخيرها يدخل مؤخرها إلى الوقت الذي أخبر - في حديث أنس بن مالك - أن النبي -عليه السلام- قال: "تلك صلاة المنافقين" فإن ذلك الوقت هو العلاء ، فأما ما قبله من وقتها مما لم تدخل الشمس فيه صفرة، وكان الرجل يمكنه أن يصلي فيه صلاة العصر، ويذكر الله - عز وجل - فيها متمكنا ويخرج من الصلاة والشمس كذلك فلا بأس بتأخير العصر إلى ذلك الوقت، فذاك أفضل؛ لما قد تواترت به الآثار عن النبي -عليه السلام-، وعن أصحابه من بعده، ولقد روي عن الوقت المكروه تأخير صلاة العصر إليه أنه قال: "إنما سميت العصر لتعصر" . أبي قلابة
حدثنا بذلك صالح بن عبد الرحمن ، قال: ثنا ، قال: ثنا سعيد بن منصور ، قال: أنا هشيم خالد ، عن قال: "إنما سميت العصر لتعصر" . أبي قلابة
قال - رحمه الله -: فأخبر أبو جعفر أن اسمها هذا إنا هو لأن سبيلها أن تعصر، وهذا الذي استحببناه من تأخير العصر، من غير أن يكون ذلك إلى وقت قد تغيرت فيه الشمس أو دخلتها صفرة، وهو قول أبو قلابة أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهم الله. ومحمد بن الحسن