875 [ ص: 98 ] ص: قال - رحمه الله -: فلما تضاد هذان الحديثان؛ أردنا أن نلتمس حكم هذا الباب من طريق النظر، لنستخرج به من هذين القولين قولا صحيحا، فنظرنا في ذلك، فوجدنا الأصل المتفق عليه أنه لا ينبغي أن يؤذن رجلين أذانا واحدا، يؤذن كل واحد منهما بعضه، فاحتمل أن يكون أبو جعفر ، واحتمل أن يكونا كالشيئين المقترنين فلا بأس بأن يتولى كل واحد منهما رجل على حدة، فنظرنا في ذلك؛ فرأينا الصلاة لها أسباب تتقدمها من الدعاء إليها بالأذان، ومن الإقامة لها، هذا في سائر الصلوات، ورأينا الجمعة تتقدمها خطبة لا بد منها، فكانت الصلاة متضمنة بالخطبة، وكان من صلى الجمعة بغير خطبة فصلاته باطلة حتى تكون الخطبة قد تقدمت الصلاة، ورأينا الإمام لا ينبغي أن يكون هو غير الخطيب؛ لأن كل واحد منهما مضمن بصاحبه، فكما كان لا بد منهما؛ لا ينبغي أن يكون القائم بهما إلا رجلا واحدا، ورأينا الإقامة جعلت من أسباب الصلاة أيضا، وأجمعوا أنه لا بأس أن يتولاها غير الإمام فكما قد كان يتولاها غير الإمام وهي في الصلاة أقرب منها في الأذان؛ كان لا بأس أن يتولاها غير الذي تولى الأذان، فهذا هو النظر وهو قول الأذان والإقامة كذلك؛ لا يفعلهما إلا رجل واحد أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهم الله. ومحمد بن الحسن