الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون في هذا الحكم، وأراد بهم: nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبا حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمدا ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالكا ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك، وآخرين.
[ ص: 535 ] ولكنهم اختلفوا في صفة هذا الوضوء وحكمه، فقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: nindex.php?page=treesubj&link=27215_726يستحب للجنب إذا أراد أن ينام أو يطأ ثانيا أو يأكل أن يغسل فرجه ويتوضأ، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب: إذا أراد أن يأكل يغسل كفيه، ويتمضمض، وحكي نحوه عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وإسحاق ، وابن الحنفية، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: يغسل كفيه، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: يغسل يديه إن كان أصابهما أذى.
وقال أبو عمر في "التمهيد": وقد اختلف العلماء في إيجاب الوضوء عن النوم على الجنب فذهب أكثر الفقهاء إلى أن ذلك على الندب والاستحسان لا على الوجوب، وذهبت طائفة إلى أن الوضوء المأمور به الجنب هو غسل الأذى منه، وغسل ذكره، ويديه، وهو التنظيف، وذلك عند العرب يسمى وضوءا، قالوا: وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر -رضي الله عنهما- لا يتوضأ عند النوم الوضوء الكامل للصلاة، وهو روى الحديث، وعلم مخرجه.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: لا ينام الجنب حتى يتوضأ وضوءه للصلاة، قال: وله أن يعاود أهله، ويأكل قبل أن يتوضأ، إلا أن يكون في يديه قذر فيغسلهما، قال: والحائض تنام قبل أن تتوضأ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في هذا كله: نحو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري: لا بأس أن ينام الجنب على غير وضوء، وأحب إلينا أن يتوضأ، قالوا: فإذا أراد أن يأكل مضمض، وغسل يديه، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن حي، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي: الحائض والجنب إذا أرادا أن يطعما غسلا أيديهما، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد: لا ينام الجنب حتى يتوضأ رجلا كان أو امرأة. انتهى.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض: ظاهر مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه ليس بواجب، وإنما هو مرغب فيه، nindex.php?page=showalam&ids=13056وابن حبيب يرى وجوبه، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=15858داود .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم في "المحلى": ويستحب الوضوء للجنب إذا أراد الأكل أو النوم، ولرد السلام، ولذكر الله تعالى وليس ذلك بواجب.
[ ص: 536 ] قلت: قد خالف nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم nindex.php?page=showalam&ids=15858داود في هذا الحكم.
وفي "البدائع": ولا بأس للجنب أن ينام، ويعاود أهله قبل أن يتوضأ، وإن أراد أن يأكل أو يشرب يتمضمض ويغسل يديه، ثم يأكل ويشرب؛ لأن الجنابة حلت الفم فلو شرب قبل أن يتمضمض صار الماء مستعملا فيصير شاربا الماء المستعمل، ويده لا تخلو عن نجاسة فينبغي أن يغسلها ثم يأكل.
قلت: فيه نظر من وجوه لا تخفى:
الأول: أن هذا ليس مذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، وإنما هو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف على ما صرح به nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي، وكل من ذكر nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمدا مع من لا يرى بأسا للجنب إذا أراد النوم، فقد ذكر عن غير علم بمذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، وإنما مذهبه أنه يرى باستحباب الوضوء للجنب إذا أراد النوم للأحاديث الصحيحة الواردة فيه، ألا ترى كيف صرح nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي بذكر nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف مع الطائفة الأولى وسكت عن ذكر nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد، وهو أعلم الناس باختلاف العلماء من غير منازعة فيه:
إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام
والثاني: لا نسلم صيرورة الماء مستعملا للشرب، لعدم النية، وإزالة الحدث بالكلية.
والثالث: يفهم من كلامه أن شرب الماء المستعمل ممنوع، وليس كذلك؛ لأنه ماء طاهر بالإجماع، بل طهور أيضا عند البعض حتى قالوا: إنه يجوز الطبخ والعجن بالماء المستعمل، فإذا كان هذا جائزا فالشرب كذلك.