الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ما بوب عليه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من أن nindex.php?page=treesubj&link=342الصعيد الطيب وضوء المسلم: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن إسناده ليس على شرط nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وقد خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة ، عن عمرو بن بجدان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=63240الصعيد الطيب وضوء المسلم - وفي رواية: nindex.php?page=hadith&LINKID=662485طهور المسلم - وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك خير .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : حسن صحيح.
وتكلم فيه بعضهم ; لاختلاف وقع في تسمية شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة ; ولأن عمرو بن بجدان غير معروف -: قاله nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وغيره.
وقد روي هذا - أيضا - من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ ص: 64 ] ولكن الصحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين مرسلا -: قاله nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وغيره.
وأما ما حكاه عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، أنه يجزئه التيمم ما لم يحدث ، فهذا قول كثير من العلماء، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وأصحاب الرأي، nindex.php?page=showalam&ids=17376ويزيد بن هارون . قال: وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وأبي جعفر .
وحكاه غير nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر - أيضا - عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ، وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وقول أهل الظاهر.
واستدل لهذه المقالة بحديث: nindex.php?page=treesubj&link=342الصعيد الطيب طهور المسلم ، كما أشار إليه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وأشار إليه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد - أيضا.
والمخالفون يقولون: المراد أنه في حكم الوضوء والطهور في استباحة ما يستباح بالطهور بالماء لا في رفع الحدث، بدليل قوله: " فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك " ولو كان الحدث قد ارتفع لم يقيد بوجود الماء.
وقد طرد nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة بن عبد الرحمن قوله في أنه يرفع الحدث، فقال: يصلي به، وإن وجد الماء قبل الصلاة، ولا ينتقض تيممه إلا بحدث جديد. وكذا قال في الجنب إذا تيمم ثم وجد الماء: لا غسل عليه.
وهذا شذوذ عن العلماء، ويرده قوله: " فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك " ومن العجب أن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبا سلمة ممن يقول: إن من صلى بالتيمم ثم وجد الماء في الوقت أنه يعيد الصلاة، وهذا تناقض فاحش.
وذهب أكثر العلماء إلى أنه يتيمم لكل صلاة، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر واستدل nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بقولهما، وعن nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في [ ص: 65 ] رواية عنه.
وروى الحسن بن عمارة ، عن الحكم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال: من السنة أن nindex.php?page=treesubj&link=338لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة، ثم يتيمم للصلاة الأخرى .
وهذا في حكم المرفوع، إلا أن الحسن بن عمارة ضعيف جدا.
وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول ، nindex.php?page=showalam&ids=16101وشريك ، ويحيى بن سعيد ، وربيعة ، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث - أيضا - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في ظاهر مذهبه، nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وغيرهم.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق : هذا هو السنة.
وبناه ربيعة ويحيى بن سعيد nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد على وجوب طلب الماء لكل صلاة، وقد سبقت الإشارة إلى هذه المسألة في " كتاب الوضوء ".
ثم اختلف القائلون بالتيمم لكل صلاة على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يجب التيمم لكل صلاة مفروضة، سواء فعلت كل مفروضة في وقتها أو جمع بين فريضتين في وقت واحد، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق ، ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
والثاني: أنه يجب التيمم في وقت كل صلاة مفروضة، ثم يصلي بذلك التيمم ما شاء، ويقضي به فوائت، ويجمع به فرائض، ويصلي به حتى يخرج ذلك الوقت، وهذا هو المشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور nindex.php?page=showalam&ids=15215والمزني .
والثالث: أنه يتيمم لكل صلاة فرضا كانت أو نفلا، حكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك ، وهو وجه ضعيف لأصحابنا.
ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا يصلي نافلة ومكتوبة بتيمم واحد إلا أن تكون نافلة [ ص: 66 ] بعد مكتوبة، قال: وإن صلى ركعتي الفجر بتيمم واحد أعاد التيمم لصلاة الفجر.
وقد ذهب طائفة ممن يرى أن التيمم يصلى به ما لم يحدث إلى أنه يرفع الحدث رفعا مؤقتا بوجود الماء، وهو قول طائفة من أصحابنا والحنفية والظاهرية، ووافقهم طائفة ممن يرى أن لا يصلى به فريضتان من الشافعية كابن سريج ، ومن المالكية، وقالوا: إنه ظاهر قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في " الموطأ ".
ولهذا قيل: إن النزاع في هذه المسألة عند هؤلاء لفظي لا معنوي، وإنما يكون النزاع فيها معنويا مع nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن كما سبق حكاية قوله. والله أعلم.
وأما ما حكاه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه أم وهو متيمم، فالمراد: أنه أم المتوضئين وهو متيمم، وقد حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا، واحتج به.
وقد خرجه nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور : ثنا جرير بن عبد الحميد ، عن أشعث بن إسحاق ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، قال: كان nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في نفر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم منهم: nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر ، وكانوا يقدمونه يصلي بهم لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى بهم ذات يوم، فأخبرهم أنه صلى بهم وهو جنب متيمم.
ورخص في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ، وحماد ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي .
وكره ذلك آخرون:
[ ص: 67 ] روى nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق ، عن الحارث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، قال: لا يؤم المتيمم المتوضئ.
وكرهه nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ، والحسن بن حي ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي في رواية، ويحيى بن سعيد ، وربيعة ، nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي رواية: أنه لا يؤمهم إلا أن يكون أميرا، وإن كانوا متيممين فله أن يؤمهم، كذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي وربيعة ويحيى بن سعيد .
وهذا لا أحسب فيه خلافا، وكلام nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر يدل على أنه محل خلاف - أيضا -وفيه نظر.
وفي المنع من إمامة المتيمم للمتوضئين حديثان مرفوعان من رواية nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله ، وإسنادهما لا يصح.
وفي الجواز حديث: صلاة nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص بأصحابه وهو جنب، فتيمم من البرد وصلى بهم وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيما بعد - تعليقا - وسنذكره في موضعه - إن شاء الله تعالى.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لهذه المسألة في هذا الباب قد يشعر بأن مأخذ جواز ذلك عنده أن التيمم يرفع الحدث.
وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : nindex.php?page=treesubj&link=338يؤم المتيمم المتوضئين ; لأن الله طهره.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي - في رواية nindex.php?page=showalam&ids=11816أبي إسحاق الفزاري ، عنه -: يؤمهم، ما زادته فريضة الله ورخصته إلا طهورا.
وأكثر العلماء لم يبنوا جواز إمامته على رفع حدثه، ولهذا أجاز ذلك كثير [ ص: 68 ] ممن يقول: إن التيمم لا يرفع الحدث nindex.php?page=showalam&ids=16867كمالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، لكن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ذكر أن ما فعله nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يستدل به على أن طهارة التيمم كطهارة الماء يصلي بها ما لم يحدث. ولكن لا يختلف مذهبه في صحة ائتمام المتوضئ والمغتسل بالمتيمم ; فإن المتيمم يصلي بطهارة شرعية قائمة مقام الطهارة بالماء في الحكم، فهو كائتمام الغاسل لرجليه بالماسح لخفيه، بخلاف من لم يجد ماء ولا ترابا فإنه لا يأتم به متوضئ ولا متيمم، ولا يأتم به إلا من هو مثله ; لأنه لم يأت بطهارة شرعية بالكلية.
والمانعون من ائتمام المتوضئ بالمتيمم ألحقوه بائتمام القارئ بالأمي الذي لا يقرأ الفاتحة إذا صلى بتسبيح وذكر، وبصلاة القائم خلف القاعد ; فإن كلا منهما أتى ببدل، ولا يصح أن يأتم به إلا من هو مثله.
ويجاب عن ذلك: بأن الأمي مخل بركن القيام الأعظم وهو القراءة، والقرآن مقصود لذاته في الصلاة بخلاف الطهارة ; فإنها لا تراد لذاتها بل لغيرها، وهو استباحة الصلاة بها، والتيمم يبيح الصلاة كطهارة الماء.
وأما ائتمام القائم بالقاعد فقد أجازه جماعة من العلماء، وأجازه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في صورة خاصة، فإن القاعد قد أتى ببدل القيام وهو الجلوس، وأتى بركن القيام الأعظم وهو القراءة.
وأما ما حكاه عن nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد ، أنه لا بأس بالتيمم بالسبخة والصلاة عليها :
فالأرض السبخة هي المالحة التي لا تنبت، وأكثر العلماء على جواز التيمم بها، وقد تيمم النبي صلى الله عليه وسلم بالجدار خارج المدينة ، وأرض المدينة سبخة، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وغيرهم.
[ ص: 69 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق : لا تيمم بالسباخ لأنها لا تنبت، وقد فسر nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الصعيد الطيب بأرض الحرث، والسباخ ليست كذلك.
واختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد فيه، فقال - في رواية -: لا يعجبني التيمم بها. وقال - مرة -: إن لم يجد فلا بأس. وقال - مرة -: إن تيمم منها يجزئه، وأرض الحرث أحب إلي. وقال - مرة -: إن اضطر إليها أجزأه، وإن لم يضطر فلينظر الموضع الطيب - يعني: تراب الحرث - وقال - مرة -: من الناس من يتوقى ذلك، وذلك أن السبخة تشبه الملح.
واستدل بقول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " أطيب الصعيد أرض الحرث ". ولكن هذا يدل على أن غير أرض الحرث تسمى صعيدا - أيضا - لكن أرض الحرث أطيب منها.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14242أبو بكر الخلال : السباخ ليس هي عند أبي عبد الله كأرض الحرث، إلا أنه سهل بها إذا اضطر إليها، وإنما سهل بها إذا كان لها غبار، فأما إن كانت قحلة كالملح فلا يتيمم بها أصلا.
وأما الصلاة في السباخ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد - مرة -: تجزئه، وقال - مرة -: ما سمعت فيها شيئا.
وقال حرب : قلت nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد : هل بلغك أن أحدا كره الصلاة في الأرض السبخة؟ قال: لا.
قال حرب : ثنا عبد الوهاب بن الضحاك : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش ، قال: سمعت أناسا من أهل العلم يكرهون nindex.php?page=treesubj&link=1346الصلاة في السباخ ، ورخص جماعة من أهل العلم في الصلاة في السباخ .
nindex.php?page=showalam&ids=16503عبد الوهاب هذا، لا يعتمد عليه.