( قوله : زوج مرضعة لبنها منه أب للرضيع وابنه أخ وبنته أخت وأخوه عم وأخته عمة ) بيان لأن لبن الفحل يتعلق به التحريم لعموم الحديث المشهور وإذا ثبت كونه أبا له لا يحل لكل منهما موطوءة الآخر ، والمراد به فليس الزوج قيدا في كلامه قال في الجوهرة : وإنما خرج مخرج الغالب وإذا ثبتت هذه الحرمة من زوج المرضعة فمنها أولى فلا تتزوج الصغيرة أبا المرضعة لأنه جدها لأمها ولا أخاها لأنه خالها ولا عمها لأنها بنت بنت أخيه ولا خالها لأنها بنت بنت أخته ولا أبناءها ، وإن كانوا من غير صاحب اللبن لأنهم إخوتها لأمها اللبن الذي نزل من المرأة بسبب ولادتها من رجل زوج أو سيد لا يحل لرجل أن يجمع بينهما لأنهما أختان رضاعا من الأب قيد بقوله لبنها منه لأن لبنها لو كان من غيره بأن ولو كان لرجل زوجتان أرضعت كل منهما بنتا فإنها ربيبة للثاني بنت للأول فيحل تزوجها بأبناء الثاني ولو كان الرضيع صبيا حل له التزوج ببناته [ ص: 243 ] من غير المرضعة هذا ما لم تلد من الثاني فإذا ولدت من الثاني انقطع لبن الأول وصار للثاني فإذا أرضعت به صبيا كان ولدا للثاني اتفاقا وإذا حبلت من الثاني ولم تلد فهو ولد للأول عند تزوجت برجل وهي ذات لبن لآخر قبله فأرضعت صبية أبي حنيفة
وقيدنا بكونه نزل بسبب ولادتها منه لأنه لو لا يكون الزوج أبا للولد لأنه ليس ابنه لأن نسبته إليه بسبب الولادة منه فإذا انتفت انتفت النسبة فكان كلبن البكر ولهذا لو تزوج امرأة ولم تلد منه قط ونزل لها لبن وأرضعت به ولدا فإن لابن زوج المرضعة التزوج بهذه الصبية ولو كان صبيا كان له التزوج بأولاد هذا الرجل من غير المرضعة كذا في الخانية وأشار بذكر الزوج إلى أن لبن الزنا ليس كالحلال حتى لو ولدت من الزنا وأرضعت به صبية يجوز لأصول الزاني وفروعه التزوج بها ولا تثبت الحرمة إلا من جانب الأم ذكره ولدت للزوج فنزل لها لبن فأرضعت به ثم جف لبنها ثم در فأرضعت صبية القاضي الإسبيجابي واختاره الوبري وصاحب الينابيع ، وفي المحيط خلافه ، وفي الخانية ، والذخيرة وغيرهما وهو الأحوط الذي ينبغي أن يعتمد ، والأول أوجه لأن الحرمة من الزنا للبعضية وذلك في الولد نفسه لأنه مخلوق من مائه دون اللبن إذ ليس اللبن كائنا من منيه لأنه فرع التغذي وهو لا يقع إلا بما يدخل من أعلى المعدة لا من أسفل البدن كالحقنة فلا إنبات فلا حرمة بخلاف ثابت النسب للنص كذا في فتح القدير وإنما قيدنا محل الخلاف بأصول الزاني وفروعه لأنها لا تحل للزاني اتفاقا لأنها بنت المزني بها وقدمنا أن فروع المزني بها من الرضاع حرام على الزاني ولذا قال في الخلاصة بعدما ذكر حرمتها على الزاني : وكذا لو فإنها تحرم على الزاني كما تحرم بنتها من النسب عليه ا هـ . لم تحبل من الزنا وأرضعت لا بلبن الزنا
وظاهر كلامهم أن هذه الصبية لا تحرم على عم الزاني وخاله اتفاقا لأنه لم يثبت نسبها من الزاني حتى يظهر [ ص: 244 ] فيها حكم القرابة ، والتحريم على آباء الزاني وأولاده عند القائلين به لاعتبار الجزئية ، والبعضية ولا جزئية بينها وبين العم ، والخال فإذا ثبت هذا في حق المتولدة من الزنا فكذلك في حق المرضعة بلبن الزنا فالحاصل أن المعتمد في المذهب أن لبن الفحل الزاني لا يتعلق به التحريم وظاهر ما في المعراج أن المعتمد ثبوته قال : وولد الملاعنة في حق الفحل عندنا وبه قال وتثبت الحرمة من اللبن النازل بالزنا في المشهور وعند مالك : لا يثبت في الزنا ، والمنفية باللعان وهكذا ذكر الشافعي الوبري والإسبيجابي وصاحب الينابيع وتثبت في حق الأم بالإجماع ا هـ .
وظاهر ما في الخانية أنه المذهب فإنه قال : لا يجوز لها الزاني ولا لأحد من آبائه وأولاده نكاح هذه الصبية وذكر في الدعوى رجل زنى بامرأة فولدت منه فأرضعت بهذا اللبن صغيرة عتق المملوك ولا تصير الجارية أم ولد له ا هـ . رجل قال لمملوك : هذا ابني من الزنا ثم اشتراه مع أمه
وإنما تمسك بمسألة الدعوى لأنها دليل على أن الزنا كالحلال في ثبوت البنوة وإلا كان لغوا ، وإن فهو ابن الواطئ من الرضاع وعلى هذا كل من يثبت نسبه من الواطئ يثبت من الرضاع ومن لا يثبت نسبه منه لا يثبت منه الرضاع كذا في الجوهرة فالمراد بلبن الفحل على قول من جعل الزنا كالحلال لبن حدث من حمل رجل وعلى قول من فرق يقال لا من زنا وطئ امرأة بشبهة فحبلت منه فأرضعت صبيا
( قوله : وتحل أخت أخيه رضاعا ) يصح اتصاله بكل من المضاف ، والمضاف إليه وبهما كما قدمناه في نظائره فالأول أن يكون له أخ من النسب ولهذا الأخ أخت رضاعية ، والثاني أن يكون له أخ من الرضاع له أخت نسبية ، والثالث ظاهر .
( قوله : ونسبا ) أي تحل أخت أخيه نسبا بأن يكون له أخ من أب له أخت من أمه فإنه يجوز له التزوج بها فقوله : نسبا متصل بالمضاف ، والمضاف إليه ولا يتصل بأحدهما فقط لأنه حينئذ داخل في الاحتمالات الثلاث فيما قبلها .
[ ص: 243 ]