الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويخرج بعد فراغ مدة الاعتكاف ( ع ) فإن اعتكف رمضان أو العشر الأخير استحب أن يبيت ليلة العيد في معتكفه ، ويخرج منه إلى المصلى ، نص عليه ، وقال : هكذا حديث عمرة عن عائشة ، وقاله مالك وذكر أنه بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر أيضا أنه بلغه عن أهل الفضل الذين مضوا .

                                                                                                          وقال سعيد : حدثنا فضيل بن عياض [ ص: 171 ] عن مغيرة عن أبي معشر عن إبراهيم قال : كانوا يستحبون ذلك ، قال صاحب المحرر : ليصل طاعة بطاعة ، قال في الكافي : ولأنها ليلة تتلو العشر ، ورد الشرع بالترغيب في قيامها فأشبهت ليالي العشر ، وأوجبه ابن الماجشون وسحنون وقال : إنه السنة المجمع عليها ، فإن خرج ليلة العيد بنية فسد اعتكافه قال ابن عبد البر لم يقل بقولهما أحد من العلماء إلا رواية عن مالك ، ولم يستحبه الأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي ، لانقضاء المدة ، كالعشر الأول أو الأوسط . وإن نذر أن يعتكف أيام العشر لزمه ما يتخلله من لياليه لا ليلته الأولى ، نص عليه ، وفيها وفي لياليه المتخللة الخلاف السابق أول الفصل ، وفي الكافي : إن نذر أيام الشهر أو لياليه أو شهرا بالليل أو بالنهار لزمه ما نذره فقط ، وذكره في الرعاية قولا ، وإن نذر شهرا مطلقا لزمه تتابعه ، نص عليه ( و هـ م ) لأنه معنى يصح ليلا ونهارا ، كمدة العدة والعنة والإيلاء ، ولأنه يفهم من إطلاقه ، بدليل فهمه من إطلاقه في العدة والإيلاء ، فعلم أن التصريح به [ ص: 172 ] في الكفارة تأكيد وعنه : لا يلزمه ، اختاره الآجري ، وصححه ابن شهاب وغيره ( و ش ) لأنه يصح إطلاقه على ذلك ، ولهذا يصح تقييده بالتتابع ، ولا يلزمه الشروع فيه عقب النذر ، بخلاف لا كلمت زيدا شهرا ويدخل معتكفه قبل الغروب من أول ليلة منه . وعنه : أو وقت صلاة المغرب ، وذكره ابن أبي موسى . وعنه : أو قبل الفجر الثاني من أول يوم منه . ولا يخرج إلا بعد غروب شمس آخر أيامه . ويكفي شهر هلالي ناقص بلياليه أو ثلاثين يوما بلياليها ثلاثين ليلة . قال صاحب المحرر على رواية لا يجب التتابع : يجوز إفراد الليالي عن الأيام إذا لم نعتبر الصوم ، وإن اعتبرناه لم يجز ووجب اعتكاف كل يوم مع ليلته المتقدمة عليه . وإن ابتدأ الثلاثين في أثناء النهار فتمامه في مثل تلك الساعة من اليوم الحادي والثلاثين [ وإن ابتدأه في أثناء الليل تم في مثل تلك الساعة من الليلة الحادية والثلاثين ] إن لم نعتبر الصوم ، وإن اعتبرناه فثلاثين ليلة صحاحا بأيامها الكاملة ، فيتم اعتكافه بغروب شمس الحادي والثلاثين في الصورة الأولى ، أو الثاني والثلاثين في الثانية ، لئلا يعتكف بعض يوم أو بعض ليلة دون يومها الذي يليها ، والله أعلم . وإن نذر اعتكاف أيام أو ليال معدودة لم يلزمه التتابع إلا أن ينويه [ ص: 173 ] لعدم دلالتها عليه ، وكذا احتج ابن عباس في قضاء رمضان بقوله { فعدة من أيام أخر } واحتج غيره في الكفارة بقوله { فصيام ثلاثة أيام } وعند القاضي : يلزمه ( و هـ م ) كلفظ الشهر ، وقيل : يلزمه إلا في ثلاثين يوما ، للقرينة ، لأن العادة فيه لفظ الشهر ، فإن تابع لزمه ما يتخللها من ليل أو نهار ، في الأشهر ، ويدخل في الأيام معتكفه قبل الفجر الثاني ، وعنه : أو بعد صلاته . وإن نذر شهرا متفرقا فله تتابعه ( و ش ) قال صاحب المحرر : لأنه أفضل كاعتكافه في المسجد الحرام من نذر غيره ، قال : وهو قياس قول أهل الرأي ، فإنهم قالوا فيمن أوصى بحجتين في عامين فأخرجا في عام : جاز ، فهذا أولى ويحتمل أن يقال : فقد سوى بينهما في القياس ، فدل على مخالفة لفظ الموصي للأفضلية لمصلحته ، فمع إطلاقه أولى ، وسبق في الصوم عن الميت ، ويأتي كلام أحمد والأصحاب أنه يعمل بلفظ الموصي ، وسبق في الفصل قبله كلام شيخنا .

                                                                                                          [ ص: 171 ]

                                                                                                          التالي السابق



                                                                                                          الخدمات العلمية