الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 606 ] ( nindex.php?page=treesubj&link=3864أوصى بحج فتطوع عنه رجل لم يجزه ) وإن أمره الميت ; لأنه لم يحصل مقصوده وهو ثواب الإنفاق ، لكن لو حج عنه ابنه ليرجع في التركة جاز إن لم يقل من مالي ، وكذا لو أحج لا ليرجع كالدين إذا قضاه من مال نفسه
( قوله أوصى بحج إلخ ) قيد بالوصية لأنه لو كان لم يوص فتبرع عنه الوارث بالحج أو الإحجاج يصح كما قدمه المصنف : أي يصح عن الميت عن حجة الإسلام إن شاء الله تعالى كما قدمناه . ونقل ط عن الولوالجية أن التعليق بالمشيئة على القبول لا على الجواز ، وقدمنا أيضا عن شرح اللباب أن الوارث غير قيد ، فإذا لم يوص يجزئه تبرع الوارث والأجنبي عنه وسيأتي تمام الكلام عليه ( قوله فتطوع عنه رجل ) أطلق الرجل المتطوع فشمل الوارث ، وبه صرح قاضي خان بقوله الميت إذا أوصى بأن يحج عنه بماله فتبرع عنه الوارث أو الأجنبي لا يجوز . ا هـ . قلت : يعني لا يجوز عن فرض الميت وإلا فله ثواب ذلك الحج ح عن الشرنبلالية ، ولهذا قال المصنف لم يجزه من الإجزاء ، لكن سيأتي ما يدل على أن الثواب إنما يحصل للميت إذا جعله له الحاج بعد الأداء ( قوله وإن أمره الميت ) أي أن الميت إذا nindex.php?page=treesubj&link=3864_26623أوصى بالإحجاج عنه وأمر أن يحج عنه زيد فحج عنه زيد من مال نفسه لم يجز عن الميت للعلة المذكورة فافهم ( قوله لكن لو حج عنه ابنه ) أي مثلا وإلا فكذا حكم بقية الورثة شرح اللباب : قلت : بل الوصي كذلك كما يفيده ما يأتي قريبا عن عمدة الفتاوى . ثم إن هذا استدراك على إطلاق الرجل في قوله فتطوع عنه رجل بأن الوارث أو الوصي يخالف الأجنبي في أنه لو تطوع من وجه بأن أنفق من ماله ليرجع في التركة جاز ; بخلاف الأجنبي لأن الوارث خليفة عن الميت ، ولذا لو قضى الدين من مال نفسه ليرجع جاز ، قال في البحر : ولو حج على أن لا يرجع فإنه لا يجوز عن الميت لأنه لم يحصل مقصود الميت وهو ثواب الإنفاق . ا هـ . قلت : وقدمنا أن الوارث ليس له الحج بمال الميت إلا أن تجيز الورثة وهم كبار ، لأن هذا مثل التبرع بالمال فالظاهر تقييد حج الوارث هنا بذلك أيضا تأمل ( قوله إن لم يقل من مالي ) في البحر عن آخر عمدة الفتاوىللصدر الشهيد : لو nindex.php?page=treesubj&link=3864أوصى بأن يحج عنه بألف من ماله فأحج الوصي من مال نفسه ليرجع ليس له ذلك لأن الوصية باللفظ فيعتبر لفظ الموصي وهو أضاف المال إلى نفسه فلا يبدل . ا هـ .
( قوله وكذا لو أحج لا ليرجع ) أي أنه يجوز . واستفيد منه أنه لو أحج ليرجع أنه يجوز بالأولى ، وقد نص عليهما في الخانية حيث قال : إذا nindex.php?page=treesubj&link=3864أوصى الرجل بأن يحج عنه فأحج الوارث رجلا من مال نفسه ليرجع في مال الميت جاز ، وله أن يرجع في مال الميت ، وكذا الزكاة والكفارة ، ولو فعل ذلك الأجنبي لا يرجع ; ولو nindex.php?page=treesubj&link=3864أوصى بأن يحج عنه فأحج الوارث من مال نفسه لا ليرجع عليه جاز للميت عن حجة الإسلام . ا هـ .
قال في شرح اللباب بعد نقله : وفيه بحث لا يخفى ا هـ أي لما مر من أنه يشترط في الحج عن الغير إذا كان بوصية الإنفاق من مال المحجوج عنه احترازا عن التبرع كما مر بيانه فتجويزه فيما لو أحج من ماله لا ليرجع مخالف لذلك . ولذا لم يجز فيما لو حج الوارث بنفسه لا ليرجع ، ولا يظهر فرق بينهما لما علمت من أن مقصود الميت بالوصية ثواب الإنفاق من ماله ، وهو حاصل فيما لو حج الوارث أو أحج عنه ليرجع دون ما إذا أنفق لا ليرجع فيهما . واستشكل ذلك في الشرنبلالية أيضا والتفرقة بأنه في الإحجاج قام الوارث مقام الميت في دفع المال ، فكأن المأمور أنفق من مال الميت بخلاف ما إذا حج الوارث بنفسه فإنه لم يحصل منه دفع المال ، بل ما حصل منه إلا مجرد الأفعال ، فلم يجز ما لم ينو الرجوع في ماله ، غير ظاهر لأن حجه بنفسه لا بد له من النفقة أيضا فافهم