الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وإذا ) ( رمى ) بصير لا غيره ( صيدا متوحشا أو بعيرا ند ) أي هرب ( أو شاة شردت بسهم ) أو غيره من كل محدد يجرح ولو غير حديد ( أو أرسل عليه جارحة فأصاب شيئا من بدنه ومات في الحال ) قبل تمكنه من ذبحه ( حل ) ولا يختص بالحلق واللبة . أما المتوحش فبالإجماع . وأما الإنسي إذا هرب فلخبر رافع بن خديج { أن بعيرا ند فرماه رجل بسهم فحبسه : أي قتله ، فقال صلى الله عليه وسلم : إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش ، فما غلبكم فاصنعوا به هكذا } متفق عليه ، وقيس الشاة به ، والاعتبار بعدم القدرة عليه حال الإصابة ، فلو رمى نادا فصار مقدورا عليه قبلها لم يحل إلا إن أصاب مذبحه أو مقدورا عليه فصار نادا عندها حل وإن لم يصب مذبحه .

                                                                                                                            أما صيد تأنس فكمقدور

                                                                                                                            [ ص: 115 ] عليه لا يحل إلا بذبحه واستعمل المصنف ند في البعير وشرد بالشاة لاستعمال الأول فيه دون الثاني ، نعم الشراد يستعمل في سائر الدواب ( ولو ) ( تردى بعير ونحوه في بئر ولم يمكن قطع حلقومه ) ومريئه ( فكناد ) في حله بالرمي لتعذر الوصول إليه .

                                                                                                                            ففي السنن الأربعة من حديث أبي العشراء الدارمي عن أبيه أنه قال { يا رسول الله أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : لو طعنت في فخذها لأجزأك } قال أبو داود : هذا لا يصح إلا في المتردية والمتوحش ( قلت : الأصح لا يحل ) المتردي ( بإرسال الكلب ) الجارح ( ونحوه وصححه الروياني والشاشي ، والله أعلم ) والفرق أن الحديد يستباح به الذبح في القدرة بخلاف فعل الجارحة ( ومتى تيسر ) يعني أمكن ولو بعسر ( لحوقه ) أي الناد أو الصيد ( بعدو أو استغاثة ) بغين وثاء معجمتين أو مهملة ونون ( بمن يستقبله فمقدور عليه ) لا يحل إلا بذبحه في مذبحه .

                                                                                                                            أما إذا تعذر لحوقه حالا فيحل بأي جرح كان كما مر ( ويكفي في ) الصيد المتوحش ( الناد والمتردي جرح يفضي إلى الزهوق ) كيف كان إذ القصد حينئذ جراحة تفضي إلى الموت غالبا ( وقيل يشترط مذفف ) لينزل منزلة قطع الحلقوم والمريء في المقدور عليه ، ولو تردى بعير فوق بعير فغرز رمحا في الأول فنفذ إلى الثاني حل عالما كان أو جاهلا كما لو رمى صيدا فأصابه ونفذ منه إلى آخر .

                                                                                                                            التالي السابق



                                                                                                                            الخدمات العلمية