( فصل ) في موانع الولاية للنكاح
( لا ولاية لرقيق ) كله ولو مكاتبا ، أو مبعضا وإن قل لنقصه ، نعم له خلافا لفتاوى البغوي تزويج أمة ملكها ببعضه الحر بناء على أن السيد يزوج بالملك لا بالولاية ، ومثله المكاتب بل أولى لتمام ملكه لكن بإذن سيده وأفهم نفي ولاية الرقيق جواز كونه وكيلا ، وهو كذلك في القبول لا الإيجاب كما مر في الوكالة ( وصبي ومجنون ) [ ص: 237 ] لنقصهما أيضا وإن تقطع الجنون تغليبا لزمنه المقتضي لسلب العبارة فيزوج الأبعد زمنه فقط ، نعم لو قل جدا كيوم في سنة انتظرت كالإغماء كما بحثه الأذرعي ، ولو قصر زمن الإفاقة جدا فهو كالعدم : أي من حيث عدم انتظاره لا من حيث عدم صحته إنكاحه فيه لو وقع ، ويشترط بعد إفاقته صفاؤه من آثار خبل يحمل على حدة في الخلق كما أفهمه قوله ( ومختل النظر ) وإن قل ، وبحث الأذرعي خلافه يتعين حمله على نوع لا يؤثر في النظر في الأكفاء والمصالح ( بهرم ، أو خبل ) أصلي ، أو عارض ، أو بأسقام شغلته عن اختبار الأكفاء ( وكذا محجور عليه بسفه ) بأن بلغ غير رشيد ، أو بذر في ماله بعد رشده ثم حجر عليه لا ولاية له ( على المذهب ) إذ لا يلي أمر نفسه فغيره أولى ، ويصح توكيله في قبول النكاح لا إيجابه كما مر نظيره في الرقيق .
والطريق الثاني وجهان : أحدهما هذا ، والثاني يلي لأنه كامل النظر في أمر النكاح ، وإنما حجر عليه لحفظ ماله .
أما سفيه لم يحجر عليه فيلي كما بحثه الرافعي ، وهو ظاهر نص الأم ، ومقتضى كلام المصنف هنا كالروضة ، وهو المعتمد وإن صحح جمع خلافه وأما محجور عليه بفلس فيلي لأنه كامل ، وإنما حجر عليه لحق الغير لا لنقص فيه ( ومتى كان ) المعتق ، أو ( الأقرب ) من عصبة النسب ، أو الولاء متصفا ( ببعض هذه الصفات فالولاية ) في الأولى لأقرب عصبات المعتق على المعتمد كالإرث ، وفي الثانية ( للأبعد ) نسبا فولاء ، فلو أعتق أمة ومات عن ابن صغير وأب ، أو أخ كبير زوج الأب أو الأخ لا الحاكم على المنقول المعتمد ، وإن نقل عن نص وجمع متقدمين أن الحاكم هو المزوج ، وانتصر له الأذرعي واعتمده جمع متأخرون ، وقول البلقيني : الظاهر والاحتياط أن الحاكم هو الذي يزوج يعارضه قوله في المسألة نصوص تدل على أن الأبعد هو الذي يزوج وهو الصواب لأن الأقرب حينئذ كالعدم ولإجماع أهل السير على أنه صلى الله عليه وسلم زوجه وكيله عمرو بن أمية أم حبيبة بالحبشة من ابن عم أبيها أو خالد بن سعيد بن العاص عثمان بن عفان لكفر أبيها رضي الله عنهم ، ويقاس بالكفر سائر الموانع السابقة والآتية ولذا قيل كان ينبغي تأخير هذا عن كلها ، ومتى زال المانع عادت الولاية . أبي سفيان
ولو قال زوج الأبعد فادعى الأقرب أنه زوج بعد تأهله الماوردي : فلا اعتبار بهما ، والرجوع فيه إلى قول الزوجين لأن العقد لهما فلا يقبل فيه [ ص: 238 ] قول غيرهما ، وجزم فيما لو زوجها بعد تأهل الأقرب بعدم الصحة ، سواء أعلم ذلك أم لم يعلمه ( والإغماء إن كان لا يدوم غالبا ) يعني بأن قل جدا كالحاصل بهيجان المرة الصفراء ( انتظر إفاقته ) قطعا لقرب زواله كالنائم ( وإن كان يدوم ) يوما أو يومين ، أو ( أياما انتظر ) لكن على الأصح لأن من شأنه أنه قريب الزوال كالنوم ، وقيل لا تنتظر إفاقته بل تنتقل الولاية إلى الأبعد كالجنون والسكر بلا تعد في معنى الإغماء ، فإن دعت حاجتها إلى النكاح في زمن الإغماء ، أو السكر فظاهر كلامهما عدم تزويج الحاكم .
وهو كذلك خلافا للمتولي ، وبما تقرر علم أن قول الشارح أي يوما ويومين فأكثر كما عبر به في الروضة وأصلها أشار به إلى أن الخلاف جار فيما دون الثلاثة كما يستفاد من الكتاب بطريق الأولى ، غير أن حمل الشارح على ذلك أفاد كونه منقولا ، وأفاد أيضا أن الغاية ثلاثة وإن أوهم كلامه الزيادة ، إذ هي أقل الكثير وأكثر القليل ، وقد أناط الشرع بها أحكاما كثيرة ولم يغتفر ما زاد عليها ( وقيل تنتقل الولاية للأبعد ) كما في الجنون ( ولا يقدح ) الخرس إن كان له كتابة ، أو إشارة مفهمة وإلا زوج الأبعد ومر صحة تزوجه ومثله تزويجه بالكتابة مع ما فيه فراجعه ، ولا ( العمى في الأصح ) لقدرته معه على البحث عن الأكفاء .
وتعذر شهادته إنما هو لتعذر تحمله وإلا فهي مقبولة منه في أماكن تأتي ، والثاني يقدح لنقصه كالشهادة ورد بما مر نعم لا يجوز لقاض تفويض ولاية العقود إليه لأنها نوع من ولاية القضاء وعلم مما مر أن عقده بمهر معين لا يشبه بشرائه بمعين ، أو بيعه له .