( والأظهر منع ) من بلد الوجوب الذي به المستحقون إلى بلد آخر فيه مستحقوها فتصرف إليهم لخبر الصحيحين { نقل الزكاة } ولامتداد أطماع أصناف كل بلدة إلى زكاة ما فيها من المال ، والنقل يوحشهم ، وبه فارقت الزكاة والنذر والوصية لفقراء أو مساكين إذا لم ينص الموصي ونحوه على نقل أو غيره . صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم
والثاني الجواز لإطلاق الآية ونقل عن أكثر العلماء وانتصر له وإذا منعنا النقل حرم ولم يجز ، وعلم من إناطة الحكم ببلد المال لا المالك أن العبرة ببلد المدين لا الدائن ، لكن الأوجه أن له صرفها في أي بلد شاء ; لأن ما في الذمة لا يوصف بأن له محلا مخصوصا ; لأنه أمر تقديري لا حسي فاستوت الأماكن كلها إليه فيتخير مالكه ومحله في دين يلزم المالك الإخراج عنه وإلا بأن كان في الذمة ولم يلزم إخراجها عنه حالا فيحتمل أن العبرة بمحل قبضه منه فيخرج حينئذ على مستحقيه جميع زكاة السنين السابقة ، ويحتمل أنه كالأول فيتخير هنا أيضا ; لأنه بالقبض تبين تعلق وجوب كل حول مر به ، وقد كان حينئذ غير موجود حسا لكن أفتى الوالد رحمه الله تعالى [ ص: 168 ] باعتبار بلد المديون ، ومحل ما تقرر في مالك مقيم ببلد أو بادية لا يظعن عنها ، أما الإمام فله نقلها مطلقا لما مر أن الزكوات كلها في يده كزكاة واحدة وكذا الساعي ، بل يلزمه نقلها للإمام إذا لم يأذن له في تفرقتها ، ومثله قاض له دخل فيها بأن لم يولها الإمام غيره ، ولمن جاز له النقل إذن المالك فيه فيما يظهر لكن لا ينقل أو يأذن إلا في عمله لا خارجه كما يؤخذ مما مر في زكاة الفطر ، وقد يجوز للمالك أيضا كما لو كان له في كل محل عشرون شاة فله إخراج شاة بأحدهما حذرا من التشقيص مع الكراهة وكأن حال الحول والمال ببادية لا مستحق بها فيفرقه في أقرب محل إليه به مستحق وللمنتجعين من أهل الخيام الذين لا قرار لهم صرفها لمن معهم ولو بعض صنف كمن بسفينة في اللجة فيما يظهر ، فإن فقدوا فلمن بأقرب محل إليهم عند تمام الحول والحلل المتمايزة بنحو مرعى وماء كل حلة كبلد فيحرم النقل إليها ، بخلاف غير المتميزة فله النقل إليها لمن بدون مسافة القصر من محل الوجوب
( ولو عدم الأصناف في البلد ) أي بلد الوجوب أو فضل شيء عنهم ( وجب النقل ) لها أو للفاضل إلى مثلهم بأقرب محل لمحل المال ، فإن جاوزه حرم وامتنع كالنقل ابتداء وإنما وجب حفظ دم الحرم إلى وجود مساكينه وامتنع نقله مطلقا ; لأنه وجب لهم بالنص فهو كمن نذر تصدقا على فقراء بلد كذا ففقدوا حيث تحفظ إلى وجودهم ، والزكاة ليس فيها نص صريح بتخصيصها بالبلد ، وإذا جاز النقل فمؤنته على المالك قبل قبض الساعي وبعده في الزكاة فيباع منها ما يفي بذلك كما لو خشي وقوعها في خطر أو احتاج لرد جبران ( أو ) عدم ( بعضهم ) من بلد المال ووجد بغيره أو فضل شيء عنه بأن وجد جميعهم وفضل شيء عن كفاية بعضهم أو وجد بعضهم وفضل عن كفاية بعضه شيء ( وجوزنا النقل ) مع وجودهم ( وجب ) النقل لذلك الصنف بأقرب بلد ( وإلا ) بأن لم نجوزه كما هو الأصح ( فيرد ) بالنصب وجوبا نصيب المفقود من البعض أو الفاضل عنه أو عن بعضه ( على الباقين ) إن نقص نصيبهم عن كفايتهم ولا ينقل إلى غيرهم لانحصار الاستحقاق فيهم فإن لم ينقص نقله لذلك الصنف [ ص: 169 ] بأقرب بلد إليهم ( وقيل ينقل ) إلى أقرب محل إليهم للنص على استحقاقهم فيقدم على رعاية المكان الناشئة عن الاجتهاد ، ورد بأن النص ولو سلم عمومه كان في عمومه في الأمكنة خلاف فلا يكون صريحا في محل النزاع ، ولو قوتلوا لتعطيلهم هذا الشعار العظيم كتعطيل الجماعة بناء على أنها فرض كفاية بل أولى ، ولو قال فرق هذا على المساكين لم يدخل فيهم ولا ممونه وإن نص على ذلك . امتنع مستحقوها من أخذها