( فصل ) في قسمة الزكاة بين الأصناف ونقلها وما يتبعها .
( يجب ) ولو زكاة الفطر ، وإن اختار جمع جواز دفعها لثلاثة فقراء أو مساكين وآخرون جوازه لواحد ، وأطال بعضهم في الانتصار له ، بل نقل ( استيعاب الأصناف ) الثمانية بالزكاة الروياني عن الأئمة الثلاثة وآخرين جواز دفع زكاة المال أيضا إلى ثلاثة من أهل السهمان ، قال : وهو الاختيار لتعذر العمل بمذهبنا ، ولو كان حيا لأفتى به ا هـ ( إن قسم الإمام ) أو نائبه ( وهناك عامل ) لم يجعل الإمام له شيئا من بيت المال ; لأن الله تعالى أضافها إليهم جميعهم فلم يجز حرمان بعضهم كما لو أوصى أو أقر لزيد وعمرو وبكر ، وما نقله الشافعي عن الأذرعي الدارمي وأقره من أن محل جواز إعطائه حيث لم يوجد متبرع مردود ، فالأوجه وفاقا للسبكي وغيره جوازه ، وإن وجد فيستحق إن أذن له الإمام في العمل وإن لم يشترط له شيئا وإن شرط أن لا يأخذ شيئا ; لأنه يستحق ذلك بالعمل فريضة من الله تعالى فلا يحتاج لشرط من المخلوق ، كما يستحق الغنيمة بالجهاد وإن لم يقصد إلا إعلاء كلمة .
[ ص: 165 ] الله تعالى فلا يخرج عن ملكه إلا بناقل ، فيعطى في الأخيرة حصة الصنف كله لمن وجد من أفراده ( وإلا ) بأن قسم المالك أو الإمام ولا عامل هناك أو جعل للعامل أجرة من بيت المال ، وكأنهم إنما نظروا هناك لكونه فريضة ; لأن ما يأخذه من بيت المال في البدل عنها فلم يفت هنا بالكلية بخلافهم ثم ( بالقسمة على سبعة ) منهم المؤلف كما مر بما فيه ( فإن فقد بعضهم ) أي السبعة أو الثمانية ولم يبال بشمول هذا الفقد العامل لتقديمه حكمه : أي صنف فأكثر ، أو بعض صنف من البلد بالنسبة إلى المالك وحده ، ومنه ومن غيره بالنسبة للإمام ( فعلى الموجودين ) تكون القسمة فيعطى في الأخيرة حصة الصنف كله لمن وجد من أفراده ; لأن المعدوم لا سهم له .
قال : والموجود الآن أربعة : فقير ، ومسكين ، وغارم ، وابن سبيل . ابن الصلاح
والأمر كما قال في غالب البلاد فإن لم يوجد أحد منهم حفظت حتى يوجد بعضهم ، وسيذكر هذا أيضا بقوله وإلا فيرد على الباقين ، ولا تكرار ; لأنه ذكر هنا لضرورة التقسيم وثم لبيان الخلاف لسهولة ذلك عليه ، ولا يجب عليه استيعاب جميع الأصناف بزكاة كل مالك بل له إعطاء زكاة شخص بكمالها لواحد وتخصيص واحد بنوع وآخر بغيره ; لأن الزكوات كلها في يده كالزكاة الواحدة ، وبهذا يعلم أن المراد في قولهم أول الفصل بالزكاة الجنس ، ومحل وجوب الاستيعاب كما قاله ( وإذا قسم الإمام ) أو نائبه المفوض إليه الصرف ( استوعب ) حتما ( من الزكوات الحاصلة عنده آحاد كل صنف ) الزركشي إذا لم يقل المال ، فإن قل بأن كان قدرا لو وزعه عليهم لم يسد لم يلزمه الاستيعاب للضرورة بل يقدم الأحوج فالأحوج أخذا من نظيره في الفيء ( وكذا يستوعب ) وجوبا على المعتمد ( المالك ) أو وكيله الآحاد ( إن انحصر المستحقون في البلد ) بأن سهل ضبطهم ومعرفة عددهم عادة ، نظير ما يأتي في النكاح ( ووفى بهم ) أي بحاجتهم أي الناجزة فيما يظهر ( المال ) لسهولته عليه حينئذ ، وما وقع في كلامهم في موضع آخر من عدم الوجوب محمول على ما إذا لم يف بهم المال كما قال ( وإلا ) بأن لم ينحصروا أو انحصروا ، ولم يف بهم المال ( فيجب إعطاء ثلاثة ) فأكثر من كل صنف ; لأنهم ذكروا في الآية بلفظ الجمع ، وأقله ثلاثة إلا ابن السبيل ، وهو المراد فيه أيضا [ ص: 166 ] وإنما أفرد لما مر فيه على أن إضافته للمعرفة أوجبت عمومه فكان في معنى الجمع ، وكذا قوله في سبيل الله
والحاصل أن المحصورين يستحقونها بالوجوب ، ويجب استيعابهم إن كانوا ثلاثة فأقل أو أكثر ووفى بهم المال ، نعم يجوز أن يكون العامل متحدا حيث حصلت به الكفاية ، فإن أخل بصنف غرم له حصته ، أو ببعض الثلاثة مع القدرة عليه غرم له أقل متمول ، ثم الإمام إنما يضمن مما عنده من الزكاة لا من ماله بخلاف المالك كما قاله الماوردي ، وما ذكر من التفصيل بين المحصور وغيره بالنسبة للتعميم وعدمه : أما بالنسبة للملك فمتى وجد وقت الوجوب من كل صنف ثلاثة فأقل ملكوها وإن كانوا ورثة المزكي بنفس الوجوب ملكا مستقرا يورث عنهم وإن كان ورثتهم أغنياء أو المالك كما اعتمده الوالد رحمه الله تعالى وحينئذ تسقط الزكاة عنه ، والنية لسقوط الدفع لا لتعذر أخذه من نفسه لنفسه ، ولم يشاركهم فيه من حدث ولهم التصرف فيه قبل قبضه إلا بالاستبدال عنه والإبراء منه وإن كان هو القياس ، إذ الغالب على الزكاة التعبد كما أشار إليه ابن الرفعة ، ولو انحصر صنف أو أكثر دون البقية فلكل حكمه وتقدم في الوكالة جواز التوكيل بما فيه وهنا أنهم يملكون على قدر كفايتهم ; لأنها المرجحة في هذا الباب كما علم مما مر .