( ومنها أن ) بعد أخذها لا بنية ذلك ( بأن يلبس ) نحو الثوب أو يجلس عليه مثلا ( أو يركب ) الدابة : أو يطالع في الكتاب كما قاله ( ينتفع بها ) المتولي ( خيانة ) بخاء معجمة أي لا لعذر فيضمن لتعديه بخلافه لدفع نحو الدود مما مر ، وبخلاف نحو الخاتم إذا لبسه الرجل في غير الخنصر فإنه لا يعد استعمالا له .
نعم يجب تقييده بمن لم يقصد به الاستعمال وبمن لم يعتد اللبس في غيره كما يفعله كثير من العامة لا إن قصد بلبسها فيها الحفظ فلا يضمن .
وقضيته تصديقه في دعواه أنه لبسها للحفظ ، لكن قد يقال قياس ما مر فيما إذا اختلفا في وقوع الخوف تصديق المالك ويفرق بأن القصد لا يعلم إلا منه ، بخلاف وقوع الخوف ، وغير الخنصر للمرأة كالخنصر ، والخنثى ملحق بالرجل في أوجه احتمالين إذا لبسه في غير خنصره ; لأن الأصل عدم الضمان ، فإن أمره بوضعه في خنصره فجعله في بنصره لم يضمن ; لأنه أحرز لكونه أغلظ إلا إن جعله في أعلاه أو في أوسطه كما قاله وغيره ، أو انكسر لغلظ البنصر ضمن ; لأن أسفل الخنصر أحفظ من أعلى البنصر ووسطه في غير الأخيرة وللمخالفة في الأخيرة ، وإن قال اجعله في البنصر فجعله في الخنصر فإن كان لا ينتهي إلى أصل البنصر فالذي فعله أحرز فلا ضمان وإلا ضمن . القاضي أبو الطيب
وقال الروياني : لو قال احفظه في بنصرك فحفظه في خنصره ضمن ; لأنه إذا أمكن لبسه في البنصر كان في الخنصر واسعا انتهى .
ويؤخذ من تعليله أن ما قاله جرى على الغالب فلا ينافي ما قبله ، ولو قال : احفظ هذا في يمينك فجعله في يساره ضمن ، وبالعكس لا يضمن ; لأن اليمين أحرز ; لأنها تستعمل غالبا نقله العجلي .
قال الأذرعي : لكن لو هلك للمخالفة ضمن قال : وقضية ما قاله أنه لو كان أعسر انعكس الحكم ، وأنه لو كان يعمل بهما على السواء كانا سواء ، ولا يرد على المصنف ما لو استعملها ظانا كونها ملكه فإن ضمانها مع عدم الخيانة معلوم من كلامه في الغصب ، فإن لم يستعملهما لم يضمنها ، وقول الإسنوي : ظن الملك عذرا إنما هو بالنظر لعدم الإثم لا للضمان ; لأنه يجب حتى مع الجهل والنسيان ( أو ) بأن ( يأخذ الثوب ) مثلا ( ليلبسه أو الدراهم لينفقها فيضمن ) المثلي بمثله إن تلف ، والمتقوم بأقصى قيمة وأجرة المثل إن مضت مدة لمثلها أجرة ، وإن لم يلبس وينفق ; لأن العقد أو القبض لما اقترن بنية التعدي صار كقبض الغاصب وخرج بقوله الدراهم أخذ بعضها كدرهم فيضمنه فقط ما لم يفض ختما أو يكسر قفلا ويضمن الوعاء كصندوق .
[ ص: 129 ] أيضا في أوجه الوجهين ، وإذا رد المأخوذ لم يزل عنه ضمانه حتى لو تلف الجميع ضمن درهما أو النصف ضمن نصف درهم ولا يضمن الباقي بخلطه به وإن لم يتميز ، بخلاف رد بدله إن لم يتميز ; لأنه ملكه فجرى فيه ما لو خلطها بماله ومثل المصنف بمثالين أولهما لنية الإمساك والأخذ ، وثانيهما لنية الإخراج .