الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ويستثنى من كلام المصنف استقبال الحجر الأسود في ابتداء طوافه كما سيأتي ورابعها كونه ( مبتدئا ) في ذلك ( بالحجر الأسود ) للاتباع رواه مسلم ( محاذيا ) بالمعجمة ( له ) الحجر أو بعضه ( في مروره ) عليه ابتداء ( بجميع بدنه ) أي بجميع الشق الأيسر كما قاله الإمام والغزالي بأن لا يقدم جزءا من بدنه على جزء من [ ص: 281 ] الحجر ، واكتفى بمحاذاته بعضه كما يكتفي بتوجهه بجميع بدنه بجزء من الكعبة في الصلاة .

                                                                                                                            وصفة المحاذاة كما في المجموع وغيره أن يستقبل البيت ويقف بجانب الحجر من جهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ومنكبه الأيمن عند طرفه ثم ينوي الطواف ثم يمشي مستقبل الحجر مارا إلى جهة يمينه حتى يجاوزه ، فإذا جاوزه انفتل وجعل يساره إلى البيت ، ولو فعل هذا من الأول وترك استقبال الحجر جاز لكن فاتته الفضيلة . قال : وليس شيء من الطواف يجوز مع استقبال البيت إلا ما ذكرناه من مروره في الابتداء ، وذلك سنة في الطوفة الأولى لا غير : أي بل هو ممنوع في غيرها ، وهذا غير الاستقبال المستحب عند لقاء الحجر قبل أن يبدأ بالطواف فإن ذلك مستحب قطعا وسنة مستقلة ، وإذا استقبل البيت لنحو دعاء فليحترز عن أن يمر منه أدنى جزء قبل عوده إلى جعل البيت عن يساره ، ويقاس بالحجر فيما تقرر من يستلم الركن اليماني ، ولو أزيل الحجر والعياذ بالله وجب لمحله ما وجب له . قاله القاضي أبو الطيب وقال غيره : المراد بالركن بدليل صحة طواف الراكب ومن في السطح ، ولا بد من مقارنة النية حيث وجبت لما تجب محاذاته من الحجر ، ثم ما اقتضاه كلام المجموع من إجزاء الانفتال بعد مفارقة جميع الحجر هو المعتمد الموافق لكلام أبي الطيب والروياني وغيرهما ، وإن بحث الزركشي وابن الرفعة خلافه وأنه لا بد منه قبل مفارقة جميعه ; لأنهم توسعوا في ابتداء الطواف ما لم يتوسعوا في دوامه ( فلو ) ( بدأ ) في طوافه ( بغير الحجر ) كأن بدأ بالباب ( لم يحسب ) ما طافه ولو سهوا ( فإذا انتهى إليه ) أي الحجر ( ابتدأ منه ) ولو حاذاه ببعض بدنه وبعضه مجاوز إلى جانب الباب لم يعتد بطوفته ولو حاذى بجميع البدن بعض الحجر دون بعض أجزأه كما في الروضة فيهما عن العراقيين ، وفي المجموع في الثانية إن أمكن ذلك وظاهر ، كما أفاده الشارح أن المراد بمحاذاة الحجر في المسألتين استقباله وإن عدم الصحة في الأولى لعدم المرور بجميع البدن على الحجر فلا بد في استقباله المعتد به مما تقدم وهو أن لا يقدم جزءا من بدنه على جزء من الحجر المذكور .

                                                                                                                            التالي السابق



                                                                                                                            الخدمات العلمية