الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=26254إن لم تفت ، لا بحوالة سوق ، [ ص: 208 ] بل بزيد أو نقص ، ولم ينكح أو يداين لها [ ص: 209 - 210 ] أو يطأ ثيبا أو يمرض ، كواهب [ ص: 211 ] إلا أن يهب على هذه الأحوال ، أو يزول المرض على المختار
وذكر nindex.php?page=treesubj&link=26254موانع الاعتصار فقال ( إن nindex.php?page=treesubj&link=26254لم تفت ) الهبة ( بحوالة ) أي تغير ( سوق ) أي قيمة بزيادة أو نقص على قيمتها يوم هبتها ، فإن فاتت بها فلا تعتصر ، هذا ظاهره ، ولكن قال " ق " لو قال ولو فاتت بحوالة سوق لا بزيد ونقص لوافق نص الباجي إذا تغيرت الهبة في قيمتها بتغير الأسواق فلا يمنع ذلك اعتصارها قاله nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف وابن الماجشون وأصبغ ، ووجهه أن الهبة على حالها وزيادة القيمة ونقصانها لا تعلق لها بها ولا تأثير له في صفتها فلا يمنع اعتصارها كنقلها من موضع إلى آخر .
" غ " في بعض النسخ إن لم تفت لا بحوالة سوق ، بل بزيد أو نقص ، وهو الصواب . [ ص: 208 ] الشارح ظاهره أن الهبة يفوت اعتصارها بحوالة السوق ، والذي حكاه الباجي عن nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف وعبد الملك وأصبغ أنه غير مفيت . ابن راشد لا خلاف فيه . الحط في معين الحكام قولان في فوات الاعتصار بحوالة السوق فيحتمل أنه اعتمد القول بالإفاتة ، والله أعلم . طفي لم أجد في المعين إلا أنها لا تمنعه . ابن رشد من غير خلاف . ابن عرفة تغير السوق لغو وظاهر كلام ابن رشد واللخمي وغيرهما الاتفاق وصرح به عياض . ابن حارث اتفقوا على أنه إن كانت الهبة قائمة بعينها لم تتغير ، فالاعتصار جائز ، وقول ابن عبد السلام لا يبعد يخرج الخلاف فيه حقه أن يبين الأصل الذي يخرج منه الخلاف ، وذكره دون تعيينه ساقط . ا هـ . فهذا كله يفيد خلاف ما قاله " ح " ، ولعله سبق قلم ونسب تت في كبيره لبعض شراح الجلاب أنه رجح الإفاتة بها ، وأن في المسألة طريقتين إحداهما تحكي الخلاف وهو في عهدته . البناني وعلى تسليم وجود الخلاف فهو ضعيف لما تقدم عن ابن عرفة ، ولذا قال " ز " لعدم فواته بها على المشهور ، والله أعلم .
( أو ) بحصول ( زيد ) بفتح فسكون ، أي nindex.php?page=treesubj&link=26254زيادة في ذات الهبة ككبر صغير وسمن هزيل ( أو ) بحصول ( نقص ) فيها كانهدام ونسيان صنعة الباجي إذا تغيرت الهبة في عينها فقال nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف وابن الماجشون زيادتها في عينها ونقصها لا يمنع اعتصارها ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ يمنعه ، وهو الظاهر من قول الإمام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك " رضي الله عنه " وابن القاسم رحمه الله تعالى ; لأن تغير حال ذمة المعطى يقطع الاعتصار ، فأن يمنعه تغير الهبة في نفسها أولى وأحرى .
( و ) إن لم ( ينكح ) بضم التحتية وفتح الكاف أي nindex.php?page=treesubj&link=26254يزوج الولد الموهوب له لأجل الهبة ، فإن زوج لأجلها ولو لم يدخل فات اعتصارها ذكرا كان الولد أو أنثى لرغبة الناس في ذي المال وتعلق حق الزوجة والزوج به ( أو ) إن لم ( يداين ) بضم التحتية الأولى وفتح الثانية ، أي يعامل الولد الموهوب له بدين ببيع أو قرض ( لها ) أي لأجل يسره بالهبة ، فإن دوين لها فات اعتصارها . طفي هذا مذهب الموطإ ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف وأصبغ وابن القاسم كما في البيان ولم ينسب مقابله إلا لابن الماجشون ، لكن ظاهر المدونة أن الدين والنكاح يمنعان مطلقا .
[ ص: 209 ] ولما نقل ابن عرفة سماع عيسى قال عقبه ظاهر قولها للأب اعتصار ما وهبه لأولاده الكبار ما لم ينكحوا ، وفي الجلاب مثله خلاف ذلك ونصها باختصار أبي سعيد إلا أن ينكحوا أو يتداينوا فنقل المواق عنها التقييد بكون النكاح والدين لأجلها غير ظاهر ا هـ .
فيها للإمام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك " رضي الله عنه " وللأب أن يعتصر ما وهب أو نحل لبنيه الصغار والكبار وإن لم يكن للصغار أم ; لأن اليتم إنما هو بموت الأب ما لم ينكحوا أو يستحدثوا دينا ; لأنه إنما أنكح لغناه وعليه داينه الناس ، وبذلك يرغب في البنت ويرفع في صداقها فلذلك منع الاعتصار إذا كانت الهبة كثيرة يزاد في الصداق لأجلها ، فأما الثوب ونحوه فلا .
[ ص: 210 ] وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن nindex.php?page=treesubj&link=26254نحل ابنته نحلة فتزوجها رجل عليها ثم مات أو طلق فقد انقطع الاعتصار بالنكاح فلا يعود بنى بها أو لم يبن ، وكذا من نكح من الذكور أو الإناث أو داين ثم زال الدين أو زالت العصمة فلا اعتصار ، فيها قضى nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز " رضي الله عنه " فيمن نحل ابنه أو ابنته ثم نكحها على ذلك فلا رجوع له وإن نحلهما بعد النكاح فذلك له ما لم يتداينا أو يموتا . ( أو ) إن لم nindex.php?page=treesubj&link=26254 ( يطأ ) الابن البالغ أمة ( ثيبا ) وهبها له أبوه أو أمه ، فإن وطئها فات اعتصارها عند الإمام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وابن القاسم رضي الله تعالى عنهما ، وإن كان وطء الثيب فوتا فالبكر أولى ، ويصدق الابن في دعوى الوطء عند ابن القاسم . nindex.php?page=showalam&ids=17328يحيى بن عمر إن كان اختلى بها وكالوطء التدبير والكتابة والعتق لأجل وأولى المنجز . محمد إذا وهبه أبوه أو أمه بعد تزويجه فله اعتصارها ما لم يتداين الولد أو تنمو الهبة أو يطؤها إن كانت جارية فيفوت الاعتصار ، وإن لم تكن بكرا ولم تحمل قاله الإمام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وابن القاسم nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب nindex.php?page=showalam&ids=16472وابن وهب رضي الله تعالى عنهم .
( أو ) إن لم nindex.php?page=treesubj&link=26254 ( يمرض ) الموهوب له مرضا مخوفا ، فإن مرض مرضا مخوفا فات اعتصارها لتعلق حق ورثته بها ، وشبه في المنع فقال ( ك ) مرض ( واهب ) مرضا مخوفا فيفوت اعتصارها لاتهامه بأنه إنما يعتصرها لورثته . nindex.php?page=showalam&ids=17328يحيى بن عمر إن مرض الأب أو الابن فلا اعتصار في مرض أحدهما ، وإن زال المرض فله اعتصارها ، بخلاف النكاح والدين ; لأنه لم يعامل لها في المرض . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون مثله في الأب ، قال ولا يشبه المعتصر منه المعتصر في ذلك ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ إذا امتنع الاعتصار بمرض أحدهما أو بنكاح الولد أو تداينه ثم زال المرض والدين والنكاح فلا اعتصار وإذا زال الاعتصار يوما فلا يعود ، وقاله ابن حبيب عن الإمام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك " رضي الله عنه " ، وقال المغيرة وابن دينار وإذا صح المعطي والمعطى [ ص: 211 ] رجع الاعتصار كما تنطلق يده فيما له فيما كان ممنوعا منه . واستثنى من قوله ولم ينكح أو يداين لها وما بعده فقال ( إلا أن nindex.php?page=treesubj&link=26254يهب ) الأب أو الأم لولده وهو ( على ) حال من ( هذه الأحوال ) المانعة الاعتصار بأن وهبه وهو متزوج أو مدين أو أحدهما مريض فله الاعتصار مع هذه الأحوال ، ولا يكون وجودها مانعا منه ( أو ) إلا أن nindex.php?page=treesubj&link=23810 ( يزول المرض ) الحاصل للموهوب له أو الواهب بعد الهبة فيعود الاعتصار ( على المختار ) للخمي من الخلاف ، وهو قول الإمام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وابن القاسم رضي الله تعالى عنهما ونصه اختلف إذا امتنع الاعتصار لمرض الأب أو الابن ثم برئ ، فقال المغيرة وابن دينار وابن القاسم وابن الماجشون يعتصر وهو أبين ; لأن المنع إنما كان ; لأن الظاهر أنه مرض موت ، فإذا صح تبين أنهم أخطئوا وأنه مرض لا يموت منه ، ولو اعتصر في ذلك المرض ثم صح منه كان الاعتصار صحيحا ; لأنه قد تبين أنه كان في حكم الصحيح نقله " ق " .