أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين "أسمع بهم وأبصر "؛ لفظان يستعملان للتعجب؛ في اللغة العربية؛ أو لأفعل التفضيل المستفهم به؛ أي: ما أسمعهم! وما أبصرهم! فهم حديدو السمع والبصر؛ والمعنى أن حالهم في قوة سمعهم للحق؛ وقوة بصرهم وإدراكهم للحق؛ حال [ ص: 4642 ] المتعجب منه؛ المستغرب؛ وليس ذلك بعجب على الله؛ ولا غريب عليه - سبحانه -; لأنه عليم بكل شيء؛ فليس شيء بغريب على علمه - سبحانه -؛ إنما الغرابة علينا؛ وهذا غير حالهم اليوم؛ لأنهم اليوم في ضلال مبين واضح؛ أي: حالهم يوم الشهود؛ فقد زالت الغفلة وزال الضلال؛ وزالت الأوهام التي أضلتهم؛ ولذا قال (تعالى): لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين "اليوم "؛ المراد به الحياة الدنيا؛ فهم في ضلال في الحياة الدنيا؛ بسبب الأهواء؛ وتحكمها في مداركهم؛ وأحاسيسهم؛ والأوهام وسيطرتها على عقولهم؛ ونقول: وضع الظاهر موضع الضمير؛ لإثبات أن السبب في هذا الضلال هو ظلمهم لأنفسهم؛ بعدم الإدراك الصحيح؛ وظلم العباد للنبيين؛ وفتنة المؤمنين؛ الاستدراك في قوله (تعالى): لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين لبيان التفاوت بين حدة سمعهم وبصرهم التي توجب العجب؛ وحالهم في هذا اليوم في الدنيا؛ التي كانوا فيها عمين عن الحق؛ ووقوعهم في الضلال المبين البين الواضح.
وإن الله (تعالى) أمر نبيه الأمين أن ينذرهم بهذا اليوم المشهود; ولأنه يوم الحسرة عليهم; ولذا قال (تعالى):