قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين أقسم إبليس لأزينن لبني آدم، ولأغوينهم أجمعين، أي أنه يبتدئ بأن يزين لهم الشر ويحسنه، وأول (الشر) استحسانه، ثم يأخذهم إلى الضلال عن طريق ما يستحسنون ويشتهون، والإغواء: الإضلال.
[ ص: 4088 ] والغرور في الدنيا يبتدئ بتزيين الشيطان لها، وحتى يغتروا بها، ثم يكون بعد ذلك الضلال، وقد أقسم على ذلك ولم يحنث في قسمه، وقد ابتدأ كلامه بقوله: رب بما أغويتني وهو أولا نادى بقوله: (رب) شعورا بالربوبية، وقد علمها وضل على علم؛ لأنه لم يطع ربه وقال: بما أغويتني أي بسبب أنك أغويتني، وسمى ترك الله تعالى له ليضل إغواء له، مع أنه هو الذي اختار المخالفة والعناد، وإن الله تعالى لا يهدي من اختار سبيل الشر وسار فيه.
وهكذا تجد إبليس حسد آدم، إذ أمره الله تعالى بالسجود فامتنع حسدا وعنادا وحسدا لذرية آدم؛ لأن الله تعالى تركه حتى غوى وضل فأراد إغواءهم، كما غوى.