وأما " فهذا سؤال وليس بقسم وفي الحديث { قوله : " سألتك بالله أن تفعل كذا } ولا كفارة على هذا إذا لم يجب سؤاله . والخلق كلهم يسألون الله مؤمنهم وكافرهم وقد يجيب الله دعاء الكفار فإن الكفار يسألون الله الرزق فيرزقهم ويسقيهم وإذا مسهم الضر في البحر ضل من يدعون إلا إياه فلما نجاهم إلى البر أعرضوا وكان الإنسان كفورا . وأما الذين يقسمون على الله فيبر قسمهم فإنهم ناس مخصوصون . فالسؤال كقول السائل لله : أسألك بأن لك الحمد أنت الله المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام . وأسألك بأنك أنت الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد . وأسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك . فهذا سؤال الله تعالى بأسمائه وصفاته وليس ذلك إقساما عليه فإن أفعاله هي مقتضى أسمائه وصفاته فمغفرته ورحمته من مقتضى اسمه الغفور الرحيم وعفوه من مقتضى اسمه العفو ; ولهذا لما { من سألكم بالله فأعطوه عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 207 ] إن وافقت ليلة القدر ماذا أقول ؟ قال قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني } . وهدايته ودلالته من مقتضى اسمه الهادي وفي الأثر المنقول عن قالت أنه أمر رجلا أن يقول : يا دليل الحيارى دلني على طريق الصادقين واجعلني من عبادك الصالحين . وجميع ما يفعل الله بعبده من الخير من مقتضى اسمه الرب ولهذا يقال في الدعاء : يا رب يا رب كما قال أحمد بن حنبل آدم : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } وقال نوح : { رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين } وقال إبراهيم : { ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع } وكذلك سائر الأنبياء .