فإن في هذه الحال ونصب تماثيلهم - بمعنى طلب الشفاعة منهم - هو من الدين الذي لم يشرعه الله ولا ابتعث به رسولا ولا أنزل به كتابا وليس هو واجبا ولا مستحبا باتفاق المسلمين ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا أمر به إمام من أئمة المسلمين وإن كان ذلك مما يفعله كثير [ ص: 160 ] من الناس ممن له عبادة وزهد ويذكرون فيه حكايات ومنامات فهذا كله من الشيطان . وفيهم من ينظم القصائد في دعاء الملائكة والأنبياء بعد موتهم وفي مغيبهم وسؤالهم والاستغاثة بهم والاستشفاع بهم أو يذكر ذلك في ضمن مديح الأنبياء والصالحين فهذا كله ليس بمشروع ولا واجب ولا مستحب باتفاق أئمة المسلمين ومن دعاء الميت والاستشفاع به والاستغاثة فهو ضال مبتدع بدعة سيئة لا بدعة حسنة باتفاق أئمة الدين فإن الله لا يعبد إلا بما هو واجب أو مستحب . وكثير من الناس يذكرون في هذه الأنواع من الشرك منافع ومصالح ويحتجون عليها بحجج من جهة الرأي أو الذوق أو من جهة التقليد والمنامات ونحو ذلك . وجواب هؤلاء من طريقين : أحدهما الاحتجاج بالنص والإجماع . والثاني القياس والذوق والاعتبار ببيان ما في ذلك من الفساد فإن فساد ذلك راجح على ما يظن فيه من المصلحة . أما الأول فيقال : قد علم بالاضطرار والتواتر من دين الإسلام وبإجماع سلف الأمة وأئمتها أن ذلك ليس بواجب ولا مستحب . وعلم أنه لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بل ولا أحد من الأنبياء قبله شرعوا للناس أن يدعوا الملائكة والأنبياء والصالحين ولا يستشفعوا بهم لا بعد مماتهم ولا في مغيبهم فلا يقول أحد : يا ملائكة الله اشفعوا لي عند الله سلوا الله لنا أن ينصرنا أو يرزقنا أو يهدينا . تعبد بعبادة ليست واجبة ولا مستحبة ; وهو يعتقدها واجبة أو مستحبة