فصل
nindex.php?page=treesubj&link=3908إذا أتى مكة جاز أن يدخل مكة والمسجد من جميع الجوانب لكن الأفضل أن يأتي من وجه
الكعبة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه دخلها من وجهها من الناحية العليا التي فيها اليوم باب المعلاة .
ولم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
لمكة ولا
للمدينة سور ولا أبواب مبنية ولكن دخلها من الثنية العليا
ثنية كداء بالفتح والمد المشرفة على المقبرة . ودخل
المسجد من الباب الأعظم الذي يقال له : باب
بني شيبة ثم ذهب إلى
الحجر الأسود فإن هذا أقرب الطرق إلى
الحجر الأسود لمن دخل من باب المعلاة .
ولم يكن قديما
بمكة بناء يعلو على
البيت ولا كان فوق
الصفا والمروة والمشعر الحرام بناء ولا كان
بمنى ولا
بعرفات مسجد ولا عند الجمرات مساجد بل كل هذه محدثة بعد
الخلفاء الراشدين ومنها ما أحدث بعد الدولة الأموية ومنها ما أحدث بعد ذلك فكان البيت يرى قبل دخول المسجد .
[ ص: 120 ] وقد ذكر
ابن جرير {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3987أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال : اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وبرا وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتعظيما } فمن رأى
البيت قبل دخول المسجد فعل ذلك وقد استحب ذلك من استحبه عند رؤية
البيت الدعاء ولو كان بعد دخول المسجد .
لكن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن دخل المسجد ابتدأ بالطواف ولم يصل قبل ذلك تحية المسجد ولا غير ذلك بل
nindex.php?page=treesubj&link=1949تحية المسجد الحرام هو الطواف بالبيت وكان صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=treesubj&link=3907يغتسل لدخول مكة كما يبيت
بذي طوى وهو عند الآبار التي يقال لها :
آبار الزاهر . فمن تيسر له المبيت بها والاغتسال ودخول
مكة نهارا وإلا فليس عليه شيء من ذلك .
nindex.php?page=treesubj&link=3540_3543_3916وإذا دخل المسجد بدأ بالطواف فيبتدئ من
الحجر الأسود يستقبله استقبالا ويستلمه ويقبله إن أمكن ولا يؤذي أحدا بالمزاحمة عليه فإن لم يمكن استلمه وقبل يده وإلا أشار إليه ثم ينتقل للطواف ويجعل
البيت عن يساره وليس عليه أن يذهب إلى ما بين الركنين ولا يمشي عرضا ثم ينتقل للطواف بل ولا يستحب ذلك .
ويقول إذا استلمه : بسم الله والله أكبر وإن شاء قال :
[ ص: 121 ] اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك
محمد صلى الله عليه وسلم . ويجعل
البيت عن يساره فيطوف سبعا ولا يخترق الحجر في طوافه لما كان أكثر الحجر من
البيت والله أمر بالطواف به لا بالطواف فيه .
ولا يستلم من الأركان إلا الركنين اليمانيين دون الشاميين . فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما استلمهما خاصة لأنهما على قواعد
إبراهيم والآخران هما في داخل
البيت . فالركن الأسود يستلم ويقبل واليماني يستلم ولا يقبل والآخران لا يستلمان ولا يقبلان والاستلام هو مسحه باليد . وأما سائر جوانب
البيت ومقام إبراهيم وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها ومقابر الأنبياء والصالحين كحجرة نبينا صلى الله عليه وسلم ومغارة
إبراهيم ومقام نبينا صلى الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه وغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين وصخرة
بيت المقدس فلا تستلم ولا تقبل باتفاق الأئمة .
وأما الطواف بذلك فهو من أعظم البدع المحرمة ومن اتخذه دينا يستتاب فإن تاب وإلا قتل ولو وضع يده على الشاذروان الذي يربط فيه أستار
الكعبة لم يضره ذلك في أصح قولي العلماء وليس الشاذروان من
البيت بل جعل عمادا
للبيت .
nindex.php?page=treesubj&link=22802ويستحب له في الطواف الأول أن يرمل من الحجر إلى الحجر [ ص: 122 ] في الأطواف الثلاثة والرمل مثل الهرولة وهو مسارعة المشي مع تقارب الخطى فإن لم يمكن الرمل للزحمة كان خروجه إلى حاشية المطاف والرمل أفضل من قربه إلى
البيت بدون الرمل . وأما إذا أمكن القرب من
البيت مع إكمال السنة فهو أولى .
ويجوز أن يطوف من وراء
قبة زمزم وما وراءها من السقائف المتصلة بحيطان المسجد .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=1523صلى المصلي في المسجد والناس يطوفون أمامه لم يكره سواء مر أمامه رجل أو امرأة وهذا من خصائص
مكة .
وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=3549يستحب أن يضطبع في هذا الطواف والاضطباع : هو أن يبدي ضبعه الأيمن فيضع وسط الرداء تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر وإن ترك الرمل والاضطباع فلا شيء عليه .
nindex.php?page=treesubj&link=3545ويستحب له في الطواف أن يذكر الله تعالى ويدعوه بما يشرع وإن قرأ القرآن سرا فلا بأس وليس فيه ذكر محدود عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يختم طوافه بين الركنين بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=210&ayano=2ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } كما كان يختم سائر دعائه بذلك وليس في ذلك ذكر واجب باتفاق الأئمة ، والطواف
بالبيت كالصلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير .
ولهذا
nindex.php?page=treesubj&link=3536يؤمر الطائف أن يكون متطهرا الطهارتين الصغرى والكبرى ويكون
nindex.php?page=treesubj&link=3537مستور العورة مجتنب النجاسة التي يجتنبها المصلي والطائف طاهرا ; لكن في وجوب الطهارة في الطواف نزاع بين العلماء فإنه لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالطهارة للطواف ولا نهى المحدث أن يطوف ولكنه طاف طاهرا . لكنه ثبت عنه أنه نهى الحائض عن الطواف . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599835مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم } فالصلاة التي أوجب لها الطهارة ما كان يفتتح بالتكبير ويختم بالتسليم كالصلاة التي فيها ركوع وسجود كصلاة الجنازة وسجدتي السهو وأما الطواف وسجود التلاوة فليسا من هذا .
nindex.php?page=treesubj&link=2573_2596_2578والاعتكاف يشترط له المسجد ولا يشترط له الطهارة بالاتفاق والمعتكفة الحائض تنهى عن اللبث في المسجد مع الحيض وإن كانت تلبث في المسجد وهي محدثة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في " مناسك الحج " لابنه
عبد الله : حدثنا
[ ص: 124 ] سهل بن يوسف أنبأنا
شعبة عن
حماد ومنصور قال : سألتهما عن
nindex.php?page=treesubj&link=3536الرجل يطوف بالبيت وهو غير متوضئ فلم يريا به بأسا . قال
عبد الله : سألت أبي عن ذلك فقال : أحب إلي أن لا يطوف
بالبيت وهو غير متوضئ لأن الطواف
بالبيت صلاة . وقد اختلفت الرواية عن
أحمد في اشتراط الطهارة فيه ووجوبها كما هو أحد القولين في مذهب
أبي حنيفة . لكن لا يختلف مذهب
أبي حنيفة أنها ليست بشرط .
ومن
nindex.php?page=treesubj&link=3558طاف في جورب ونحوه ; لئلا يطأ نجاسة من ذرق الحمام أو غطى يديه لئلا يمس امرأة ونحو ذلك فقد خالف السنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ما زالوا يطوفون
بالبيت وما زال الحمام
بمكة ; لكن الاحتياط حسن ما لم يخالف السنة المعلومة فإذا أفضى إلى ذلك كان خطأ .
واعلم أن الفعل الذي يتضمن مخالفة السنة خطأ كمن يخلع نعليه في الصلاة المكتوبة . أو صلاة الجنازة خوفا من أن يكون فيهما نجاسة فإن هذا خطأ مخالف للسنة . فإن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11661النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في نعليه وقال : إن اليهود لا يصلون في نعالهم فخالفوهم } وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5855إذا أتى المسجد أحدكم فلينظر في نعليه . فإن كان فيهما أذى فليدلكهما في التراب فإن التراب لهما طهور .
} وكما يجوز أن يصلي في نعليه فكذلك يجوز أن يطوف في نعليه
فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=3908إذَا أَتَى مَكَّةَ جَازَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ وَالْمَسْجِدَ مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ لَكِنْ الْأَفْضَلُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْ وَجْهِ
الْكَعْبَةِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ دَخَلَهَا مِنْ وَجْهِهَا مِنْ النَّاحِيَةِ الْعُلْيَا الَّتِي فِيهَا الْيَوْمَ بَابُ الْمَعْلَاةِ .
وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِمَكَّةَ وَلَا
لِلْمَدِينَةِ سُورٌ وَلَا أَبْوَابٌ مَبْنِيَّةٌ وَلَكِنْ دَخَلَهَا مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا
ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ الْمُشْرِفَةِ عَلَى الْمَقْبَرَةِ . وَدَخَلَ
الْمَسْجِدَ مِنْ الْبَابِ الْأَعْظَمِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ : بَابُ
بَنِي شَيْبَةَ ثُمَّ ذَهَبَ إلَى
الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَإِنَّ هَذَا أَقْرَبُ الطُّرُقِ إلَى
الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لِمَنْ دَخَلَ مِنْ بَابِ الْمَعْلَاةِ .
وَلَمْ يَكُنْ قَدِيمًا
بِمَكَّةَ بِنَاءٌ يَعْلُو عَلَى
الْبَيْتِ وَلَا كَانَ فَوْقَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِنَاءٌ وَلَا كَانَ
بِمِنَى وَلَا
بِعَرَفَاتِ مَسْجِدٌ وَلَا عِنْدَ الْجَمَرَاتِ مَسَاجِدُ بَلْ كُلُّ هَذِهِ مُحْدَثَةٌ بَعْدَ
الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَمِنْهَا مَا أُحْدِثَ بَعْدَ الدَّوْلَةِ الْأُمَوِيَّةِ وَمِنْهَا مَا أُحْدِثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَ الْبَيْتُ يُرَى قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ .
[ ص: 120 ] وَقَدْ ذَكَرَ
ابْنُ جَرِيرٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3987أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ : اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا وَزِدْ مِنْ شَرَفِهِ وَكَرَمِهِ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا } فَمَنْ رَأَى
الْبَيْتَ قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ فَعَلَ ذَلِكَ وَقَدْ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ مَنْ اسْتَحَبَّهُ عِنْدَ رُؤْيَةِ
الْبَيْتِ الدُّعَاء وَلَوْ كَانَ بَعْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ .
لَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعْد أَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ابْتَدَأَ بِالطَّوَافِ وَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَ ذَلِكَ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ بَلْ
nindex.php?page=treesubj&link=1949تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ هُوَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=treesubj&link=3907يَغْتَسِلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ كَمَا يَبِيتُ
بِذِي طُوًى وَهُوَ عِنْدَ الْآبَارِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا :
آبَارُ الزَّاهِرِ . فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ الْمَبِيتُ بِهَا وَالِاغْتِسَالُ وَدُخُولُ
مَكَّةَ نَهَارًا وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ .
nindex.php?page=treesubj&link=3540_3543_3916وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ بَدَأَ بِالطَّوَافِ فَيَبْتَدِئُ مِنْ
الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ يَسْتَقْبِلُهُ اسْتِقْبَالًا وَيَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ إنْ أَمْكَنَ وَلَا يُؤْذِي أَحَدًا بِالْمُزَاحَمَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَ يَدَهُ وَإِلَّا أَشَارَ إلَيْهِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلطَّوَافِ وَيَجْعَلُ
الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ وَلَا يَمْشِي عَرْضًا ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلطَّوَافِ بَلْ وَلَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ .
وَيَقُولُ إذَا اسْتَلَمَهُ : بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَإِنْ شَاءَ قَالَ :
[ ص: 121 ] اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَيَجْعَلُ
الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ فَيَطُوفُ سَبْعًا وَلَا يَخْتَرِقُ الْحَجَرَ فِي طَوَافِهِ لِمَا كَانَ أَكْثَرُ الْحَجَرِ مِنْ
الْبَيْتِ وَاَللَّهُ أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِهِ لَا بِالطَّوَافِ فِيهِ .
وَلَا يَسْتَلِمُ مِنْ الْأَرْكَانِ إلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ دُونَ الشَّامِيَّيْنِ . فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا اسْتَلَمَهُمَا خَاصَّةً لِأَنَّهُمَا عَلَى قَوَاعِدِ
إبْرَاهِيمَ وَالْآخَرَانِ هُمَا فِي دَاخِلِ
الْبَيْتِ . فَالرُّكْنُ الْأَسْوَدُ يُسْتَلَمُ وَيُقَبَّلُ وَالْيَمَانِيُّ يُسْتَلَمُ وَلَا يُقَبَّلُ وَالْآخَرَانِ لَا يُسْتَلَمَانِ وَلَا يُقَبَّلَانِ وَالِاسْتِلَامُ هُوَ مَسْحُهُ بِالْيَدِ . وَأَمَّا سَائِرُ جَوَانِبِ
الْبَيْتِ وَمَقَامُ إبْرَاهِيمَ وَسَائِرُ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ الْمَسَاجِدِ وَحِيطَانِهَا وَمَقَابِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ كَحُجْرَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَغَارَةِ
إبْرَاهِيمَ وَمَقَامِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَقَابِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَصَخْرَةِ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَا تُسْتَلَمُ وَلَا تُقَبَّلُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ .
وَأَمَّا الطَّوَافُ بِذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْبِدَعِ الْمُحَرَّمَةِ وَمَنْ اتَّخَذَهُ دِينًا يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَلَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الشاذروان الَّذِي يُرْبَطُ فِيهِ أَسْتَارُ
الْكَعْبَةِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَلَيْسَ الشاذروان مِنْ
الْبَيْتِ بَلْ جُعِلَ عِمَادًا
لِلْبَيْتِ .
nindex.php?page=treesubj&link=22802وَيُسْتَحَبُّ لَهُ فِي الطَّوَافِ الْأَوَّلِ أَنْ يَرْمُلَ مِنْ الْحِجْرِ إلَى الْحِجْرِ [ ص: 122 ] فِي الْأَطْوَافِ الثَّلَاثَةِ وَالرَّمَلُ مِثْلُ الْهَرْوَلَةِ وَهُوَ مُسَارَعَةُ الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَى فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الرَّمَلُ لِلزَّحْمَةِ كَانَ خُرُوجُهُ إلَى حَاشِيَةِ الْمَطَافِ وَالرَّمَلُ أَفْضَلُ مِنْ قُرْبِهِ إلَى
الْبَيْتِ بِدُونِ الرَّمَلِ . وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَ الْقُرْبُ مِنْ
الْبَيْتِ مَعَ إكْمَالِ السُّنَّةِ فَهُوَ أَوْلَى .
وَيَجُوزُ أَنْ يَطُوفَ مِنْ وَرَاءِ
قُبَّةِ زَمْزَمَ وَمَا وَرَاءَهَا مِنْ السَّقَائِفِ الْمُتَّصِلَةِ بِحِيطَانِ الْمَسْجِدِ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=1523صَلَّى الْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ يَطُوفُونَ أَمَامَهُ لَمْ يُكْرَهْ سَوَاءٌ مَرَّ أَمَامَهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِ
مَكَّةَ .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=3549يُسْتَحَبُّ أَنْ يَضْطَبِعَ فِي هَذَا الطَّوَافِ وَالِاضْطِبَاعُ : هُوَ أَنْ يُبْدِيَ ضَبْعَهُ الْأَيْمَنَ فَيَضَعَ وَسَطَ الرِّدَاءِ تَحْتَ إبِطِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَإِنْ تَرَكَ الرَّمَلَ وَالِاضْطِبَاعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=3545وَيُسْتَحَبُّ لَهُ فِي الطَّوَافِ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى وَيَدْعُوَهُ بِمَا يُشْرَعُ وَإِنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ سِرًّا فَلَا بَأْسَ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ مَحْدُودٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا بِأَمْرِهِ وَلَا بِقَوْلِهِ وَلَا بِتَعْلِيمِهِ بَلْ يَدْعُو فِيهِ بِسَائِرِ الْأَدْعِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَمَا يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مِنْ دُعَاءٍ مُعَيَّنٍ تَحْتَ الْمِيزَابِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلَا أَصْلَ لَهُ . وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْتِمُ طَوَافَهُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=210&ayano=2رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } كَمَا كَانَ يَخْتِمُ سَائِرَ دُعَائِهِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ ذِكْرٌ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ، وَالطَّوَافُ
بِالْبَيْتِ كَالصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِخَيْرِ .
وَلِهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=3536يُؤْمَرُ الطَّائِفُ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا الطَّهَارَتَيْنِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى وَيَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=3537مَسْتُورَ الْعَوْرَةِ مُجْتَنِبَ النَّجَاسَةِ الَّتِي يَجْتَنِبُهَا الْمُصَلِّي وَالطَّائِفُ طَاهِرًا ; لَكِنْ فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ فِي الطَّوَافِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِالطَّهَارَةِ لِلطَّوَافِ وَلَا نَهَى الْمُحْدِثَ أَنْ يَطُوفَ وَلَكِنَّهُ طَافَ طَاهِرًا . لَكِنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى الْحَائِضَ عَنْ الطَّوَافِ . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599835مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ } فَالصَّلَاةُ الَّتِي أَوْجَبَ لَهَا الطَّهَارَةَ مَا كَانَ يُفْتَتَحُ بِالتَّكْبِيرِ وَيُخْتَمُ بِالتَّسْلِيمِ كَالصَّلَاةِ الَّتِي فِيهَا رُكُوعٌ وَسُجُودٌ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَأَمَّا الطَّوَافُ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ فَلَيْسَا مِنْ هَذَا .
nindex.php?page=treesubj&link=2573_2596_2578وَالِاعْتِكَافُ يُشْتَرَطُ لَهُ الْمَسْجِدُ وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ بِالِاتِّفَاقِ وَالْمُعْتَكِفَةُ الْحَائِضُ تُنْهَى عَنْ اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْحَيْضِ وَإِنْ كَانَتْ تَلْبَثُ فِي الْمَسْجِدِ وَهِيَ مُحْدِثَةٌ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ فِي " مَنَاسِكِ الْحَجِّ " لِابْنِهِ
عَبْدِ اللَّهِ : حَدَّثَنَا
[ ص: 124 ] سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ أَنْبَأَنَا
شُعْبَةُ عَنْ
حَمَّادٍ وَمَنْصُورٍ قَالَ : سَأَلْتهمَا عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3536الرَّجُلِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَوَضِّئٍ فَلَمْ يَرَيَا بِهِ بَأْسًا . قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ : سَأَلْت أَبِي عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَطُوفَ
بِالْبَيْتِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَوَضِّئٍ لِأَنَّ الطَّوَافَ
بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ . وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ
أَحْمَد فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِيهِ وَوُجُوبِهَا كَمَا هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ
أَبِي حَنِيفَةَ . لَكِنْ لَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُ
أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطِ .
وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3558طَافَ فِي جَوْرَبٍ وَنَحْوِهِ ; لِئَلَّا يَطَأَ نَجَاسَةً مِنْ ذَرْقِ الْحَمَامِ أَوْ غَطَّى يَدَيْهِ لِئَلَّا يَمَسَّ امْرَأَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ فَقَدْ خَالَفَ السُّنَّةَ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ وَالتَّابِعِينَ مَا زَالُوا يَطُوفُونَ
بِالْبَيْتِ وَمَا زَالَ الْحَمَامُ
بِمَكَّةَ ; لَكِنَّ الِاحْتِيَاطَ حَسَنٌ مَا لَمْ يُخَالِفْ السُّنَّةَ الْمَعْلُومَةَ فَإِذَا أَفْضَى إلَى ذَلِكَ كَانَ خَطَأً .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي يَتَضَمَّنُ مُخَالَفَةَ السُّنَّةِ خَطَأٌ كَمَنْ يَخْلَعُ نَعْلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ . أَوْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ فَإِنَّ هَذَا خَطَأٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ . فَإِنَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11661النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ وَقَالَ : إنْ الْيَهُودَ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ فَخَالِفُوهُمْ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5855إذَا أَتَى الْمَسْجِدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْظُرْ فِي نَعْلَيْهِ . فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا أَذًى فَلْيُدَلِّكْهُمَا فِي التُّرَابِ فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُمَا طَهُورٌ .
} وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي نَعْلَيْهِ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَطُوفَ فِي نَعْلَيْهِ