[ ص: 89 ] فصل وأما الأصل الثاني ( وهو التوحيد في العبادات ) المتضمن للإيمان بالشرع والقدر جميعا . فنقول : لا بد من
nindex.php?page=treesubj&link=28784الإيمان بخلق الله وأمره فيجب
nindex.php?page=treesubj&link=28784الإيمان بأن الله خالق كل شيء وربه ومليكه وأنه على كل شيء قدير وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله
وقد علم ما سيكون قبل أن يكون وقدر المقادير وكتبها حيث شاء كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2687&ayano=22ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير }
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595403إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء } . ويجب
nindex.php?page=treesubj&link=29428الإيمان بأن الله أمر بعبادته وحده لا شريك له كما خلق الجن والإنس لعبادته وبذلك أرسل رسله وأنزل كتبه وعبادته تتضمن
[ ص: 90 ] كمال الذل والحب له وذلك يتضمن كمال طاعته {
nindex.php?page=tafseer&surano=577&ayano=4من يطع الرسول فقد أطاع الله }
وقد قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=561&ayano=4وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=327&ayano=3إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4413&ayano=43واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2529&ayano=21وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون }
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4327&ayano=42شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2747&ayano=23يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2748&ayano=23وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون } فأمر الرسل بإقامة الدين وأن لا يتفرقوا فيه
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=69377إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد والأنبياء إخوة لعلات وإن أولى الناس بابن مريم لأنا ; إنه ليس بيني وبينه نبي }
وهذا الدين هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله دينا غيره لا من الأولين ولا من الآخرين فإن جميع الأنبياء على دين الإسلام قال الله تعالى عن
نوح {
nindex.php?page=tafseer&surano=1445&ayano=10واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1446&ayano=10وأمرت أن أكون من المسلمين } . وقال عن إبراهيم : {
nindex.php?page=tafseer&surano=139&ayano=2ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه } إلى قوله ; {
nindex.php?page=tafseer&surano=140&ayano=2إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=141&ayano=2فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون }
وقال عن
موسى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1458&ayano=10يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين } وقال في خبر
المسيح : {
nindex.php?page=tafseer&surano=785&ayano=5وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون }
وقال فيمن تقدم من الأنبياء : {
nindex.php?page=tafseer&surano=718&ayano=5يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا } وقال عن
بلقيس أنها قالت : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3230&ayano=27رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين }
nindex.php?page=treesubj&link=29428_28632_28639فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده ; فمن استسلم له ولغيره كان مشركا ومن لم يستسلم له كان مستكبرا عن عبادته والمشرك به والمستكبر عن عبادته كافر والاستسلام له وحده يتضمن عبادته وحده وطاعته وحده . فهذا دين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره ; وذلك إنما يكون بأن يطاع في كل وقت بفعل ما أمر به في ذلك الوقت ; فإذا أمر في أول الأمر باستقبال
[ ص: 92 ] الصخرة ثم أمرنا ثانيا باستقبال
الكعبة : كان كل من الفعلين حين أمر به داخلا في الإسلام
فالدين هو الطاعة والعبادة له في الفعلين ; وإنما تنوع بعض صور الفعل وهو وجه المصلى فكذلك الرسل دينهم واحد وإن تنوعت الشرعة والمنهاج والوجه والمنسك ; فإن ذلك لا يمنع أن يكون الدين واحدا كما لم يمنع ذلك في شريعة الرسول الواحد
والله تعالى جعل من دين الرسل : أن أولهم يبشر بآخرهم ويؤمن به وآخرهم يصدق بأولهم ويؤمن به قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=377&ayano=3وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين }
قال
ابن عباس : لم يبعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث
محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث
محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=722&ayano=5وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا }
وجعل الإيمان متلازما وكفر من قال : إنه آمن ببعض وكفر ببعض
[ ص: 93 ] قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=647&ayano=4إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=648&ayano=4أولئك هم الكافرون حقا } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2تعملون }
وقد قال لنا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=145&ayano=2قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=146&ayano=2فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم }
فأمرنا أن نقول : آمنا بهذا كله ونحن له مسلمون فمن بلغته رسالة
محمد صلى الله عليه وسلم فلم يقر بما جاء به لم يكن مسلما ولا مؤمنا ; بل يكون كافرا وإن زعم أنه مسلم أو مؤمن . كما ذكروا أنه لما أنزل الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=381&ayano=3ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } قالت
اليهود والنصارى : فنحن مسلمون : فأنزل الله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=393&ayano=3ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } فقالوا : لا نحج فقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=393&ayano=3ومن كفر فإن الله غني عن العالمين }
فإن
nindex.php?page=treesubj&link=28633_15614الاستسلام لله لا يتم إلا بالإقرار بما له على عباده من حج
البيت ; كما
[ ص: 94 ] قال صلى الله عليه وسلم " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16342بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت }
ولهذا لما وقف النبي صلى الله عليه وسلم
بعرفة أنزل الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=677&ayano=5اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا }
وقد تنازع الناس
nindex.php?page=treesubj&link=28639فيمن تقدم من أمة موسى وعيسى هل هم مسلمون أم لا ؟ " وهو نزاع لفظي " فإن الإسلام الخاص الذي بعث الله به
محمدا صلى الله عليه وسلم المتضمن لشريعة القرآن : ليس عليه إلا أمة
محمد صلى الله عليه وسلم والإسلام اليوم عند الإطلاق يتناول هذا وأما الإسلام العام المتناول لكل شريعة بعث الله بها نبيا فإنه يتناول إسلام كل أمة متبعة لنبي من الأنبياء .
[ ص: 89 ] فَصْلٌ وَأَمَّا الْأَصْلُ الثَّانِي ( وَهُوَ التَّوْحِيدُ فِي الْعِبَادَاتِ ) الْمُتَضَمِّنُ لِلْإِيمَانِ بِالشَّرْعِ وَالْقَدَرِ جَمِيعًا . فَنَقُولُ : لَا بُدَّ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28784الْإِيمَانِ بِخَلْقِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ فَيَجِبُ
nindex.php?page=treesubj&link=28784الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ
وَقَدْ عَلِمَ مَا سَيَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ وَقَدَّرَ الْمَقَادِيرَ وَكَتَبَهَا حَيْثُ شَاءَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2687&ayano=22أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595403إنَّ اللَّهَ قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ } . وَيَجِبُ
nindex.php?page=treesubj&link=29428الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ كَمَا خَلَقَ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ لِعِبَادَتِهِ وَبِذَلِكَ أَرْسَلَ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ وَعِبَادَتُهُ تَتَضَمَّنُ
[ ص: 90 ] كَمَالُ الذُّلِّ وَالْحُبِّ لَهُ وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ كَمَالَ طَاعَتِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=577&ayano=4مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ }
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=561&ayano=4وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=327&ayano=3إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4413&ayano=43وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2529&ayano=21وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلَّا نُوحِي إلَيْهِ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ }
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4327&ayano=42شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إلَيْهِ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2747&ayano=23يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2748&ayano=23وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ } فَأَمَرَ الرُّسُلَ بِإِقَامَةِ الدِّينِ وَأَنْ لَا يَتَفَرَّقُوا فِيهِ
وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=69377إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ دِينُنَا وَاحِدٌ وَالْأَنْبِيَاءُ إخْوَةٌ لِعَلَّاتِ وَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ لَأَنَا ; إنَّهُ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ }
وَهَذَا الدِّينُ هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ دِينًا غَيْرَهُ لَا مِنْ الْأَوَّلِينَ وَلَا مِنْ الآخرين فَإِنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ
نُوحٍ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1445&ayano=10وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1446&ayano=10وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ } . وَقَالَ عَنْ إبْرَاهِيمَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=139&ayano=2وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ إلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ } إلَى قَوْلِهِ ; {
nindex.php?page=tafseer&surano=140&ayano=2إذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=141&ayano=2فَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
وَقَالَ عَنْ
مُوسَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1458&ayano=10يَا قَوْمِ إنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ } وَقَالَ فِي خَبَرِ
الْمَسِيحِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=785&ayano=5وَإِذْ أَوْحَيْتُ إلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ }
وَقَالَ فِيمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=718&ayano=5يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا } وَقَالَ عَنْ
بلقيس أَنَّهَا قَالَتْ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3230&ayano=27رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
nindex.php?page=treesubj&link=29428_28632_28639فَالْإِسْلَامُ يَتَضَمَّنُ الِاسْتِسْلَامَ لِلَّهِ وَحْدَهُ ; فَمَنْ اسْتَسْلَمَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ كَانَ مُشْرِكًا وَمَنْ لَمْ يَسْتَسْلِمْ لَهُ كَانَ مُسْتَكْبِرًا عَنْ عِبَادَتِهِ وَالْمُشْرِكُ بِهِ وَالْمُسْتَكْبِرُ عَنْ عِبَادَتِهِ كَافِرٌ وَالِاسْتِسْلَامُ لَهُ وَحْدَهُ يَتَضَمَّنُ عِبَادَتَهُ وَحْدَهُ وَطَاعَتَهُ وَحْدَهُ . فَهَذَا دِينُ الْإِسْلَامِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ غَيْرَهُ ; وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِأَنْ يُطَاعَ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِفِعْلِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ; فَإِذَا أَمَرَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بِاسْتِقْبَالِ
[ ص: 92 ] الصَّخْرَةِ ثُمَّ أَمَرَنَا ثَانِيًا بِاسْتِقْبَالِ
الْكَعْبَةِ : كَانَ كُلٌّ مِنْ الْفِعْلَيْنِ حِينَ أَمَرَ بِهِ دَاخِلًا فِي الْإِسْلَامِ
فَالدِّينُ هُوَ الطَّاعَةُ وَالْعِبَادَةُ لَهُ فِي الْفِعْلَيْنِ ; وَإِنَّمَا تَنَوُّعُ بَعْضِ صُوَرِ الْفِعْلِ وَهُوَ وَجْهُ الْمُصَلَّى فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ دِينُهُمْ وَاحِدٌ وَإِنْ تَنَوَّعَتْ الشِّرْعَةُ وَالْمِنْهَاجُ وَالْوَجْهُ وَالْمَنْسَكُ ; فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الدِّينُ وَاحِدًا كَمَا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ فِي شَرِيعَةِ الرَّسُولِ الْوَاحِدِ
وَاَللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ مِنْ دِينِ الرُّسُلِ : أَنَّ أَوَّلَهُمْ يُبَشِّرُ بِآخِرِهِمْ وَيُؤْمِنُ بِهِ وَآخِرَهُمْ يُصَدِّقُ بِأَوَّلِهِمْ وَيُؤْمِنُ بِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=377&ayano=3وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ }
قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : لَمْ يَبْعَثْ اللَّهُ نَبِيًّا إلَّا أَخَذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقَ لَئِنْ بُعِثَ
مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لِيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِيثَاقَ عَلَى أُمَّتِهِ لَئِنْ بُعِثَ
مُحَمَّدٌ وَهُمْ أَحْيَاءٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّهُ وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=722&ayano=5وَأَنْزَلْنَا إلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا }
وَجَعَلَ الْإِيمَانَ مُتَلَازِمًا وَكَفَّرَ مَنْ قَالَ : إنَّهُ آمَنَ بِبَعْضٍ وَكَفَرَ بِبَعْضٍ
[ ص: 93 ] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=647&ayano=4إنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=648&ayano=4أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2تَعْمَلُونَ }
وَقَدْ قَالَ لَنَا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=145&ayano=2قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=146&ayano=2فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }
فَأَمَرَنَا أَنْ نَقُولَ : آمَنَّا بِهَذَا كُلِّهِ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَمَنْ بَلَغَتْهُ رِسَالَةُ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُقِرَّ بِمَا جَاءَ بِهِ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا وَلَا مُؤْمِنًا ; بَلْ يَكُونُ كَافِرًا وَإِنْ زَعْم أَنَّهُ مُسْلِمٌ أَوْ مُؤْمِنٌ . كَمَا ذَكَرُوا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=381&ayano=3وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } قَالَتْ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى : فَنَحْنُ مُسْلِمُونَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=393&ayano=3وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا } فَقَالُوا : لَا نَحُجُّ فَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=393&ayano=3وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }
فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28633_15614الِاسْتِسْلَامَ لِلَّهِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْإِقْرَارِ بِمَا لَهُ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ حِجِّ
الْبَيْتِ ; كَمَا
[ ص: 94 ] قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16342بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ، وَحَجِّ الْبَيْتِ }
وَلِهَذَا لَمَّا وَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِعَرَفَةَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=677&ayano=5الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }
وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ
nindex.php?page=treesubj&link=28639فِيمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أُمَّةِ مُوسَى وَعِيسَى هَلْ هُمْ مُسْلِمُونَ أَمْ لَا ؟ " وَهُوَ نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ " فَإِنَّ الْإِسْلَامَ الْخَاصَّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَضَمِّنُ لِشَرِيعَةِ الْقُرْآنِ : لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا أُمَّةَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِسْلَامُ الْيَوْمَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَتَنَاوَلُ هَذَا وَأَمَّا الْإِسْلَامُ الْعَامُّ الْمُتَنَاوِلُ لِكُلِّ شَرِيعَةٍ بَعَثَ اللَّهُ بِهَا نَبِيًّا فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ إسْلَامَ كُلِّ أُمَّةٍ مُتَّبِعَةٍ لِنَبِيِّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ .