فصل وقد اتفق العلماء على أن وتنازعوا في الطهارة مثل العبادة المقصودة لنفسها كالصلاة والصيام والحج لا تصح إلا بنية فقال من يكون عليه جنابة فينساها ويغتسل للنظافة مالك والشافعي وأحمد : النية [ ص: 258 ] شرط لطهارة الأحداث كلها وقال أبو حنيفة : لا تشترط في الطهارة بالماء بخلاف التيمم وقال زفر لا تشترط لا في هذا ولا في هذا وقال بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي وأحمد : تشترط لإزالة النجاسة وهذا القول شاذ فإن إزالة النجاسة لا يشترط فيها عمل العبد بل تزول بالمطر النازل والنهر الجاري ونحو ذلك فكيف تشترط لها النية وأيضا فإن إزالة النجاسة من باب التروك لا من باب الأعمال ولهذا لو لم يخطر بقلبه في الصلاة أنه مجتنب النجاسة صحت صلاته إذا كان مجتنبا لها ولهذا قال مالك وأحمد في المشهور عنه والشافعي في أحد قوليه : لو إلا بعد الصلاة لم يعد ; لأنه من باب التروك وقد ذكر الله عن المؤمنين قولهم : { صلى وعليه نجاسة لم يعلم بها ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم { } فمن أن الله تعالى قال قد فعلت فلا إثم عليه بخلاف من ترك ما أمر به كمن ترك الصلاة فلا بد من قضائها . فعل ما نهي عنه ناسيا أو مخطئا
ولهذا فرق أكثر العلماء في الصلاة والصيام والإحرام بين من فعل المحظور ناسيا وبين من ترك الواجب ناسيا كمن تكلم في الصلاة ناسيا ومن أكل في الصيام ناسيا ومن تطيب أو لبس ناسيا في الإحرام والذين يوجبون يحتجون بهذا الحديث على [ ص: 259 ] النية في طهارة الأحداث أبي حنيفة وأبو حنيفة يسلم أن الطهارة غير المنوية ليست عبادة ولا ثواب فيها وإنما النزاع في صحة الصلاة بها فقوله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات " لا يدل على محل النزاع إلا إذا ضمت إليه مقدمة أخرى وهو أن الطهارة لا تكون إلا عبادة والعبادة لا تصح إلا بنية وهذه المقدمة إذا سلمت لم تحتج إلى الاستدلال بهذا فإن الناس متفقون على أن كأداء الأمانات وقضاء الديون . ما لا يكون إلا عبادة لا يصح إلا بنية بخلاف ما يقع عبادة وغير عبادة
وحينئذ فالمسألة مدارها على أن ؟ والجمهور يحتجون بالنصوص الواردة في ثوابه كقوله : { الوضوء هل يقع غير عبادة } وأمثال ذلك فيقولون : ففيه الثواب لعموم النصوص والثواب لا يكون إلا مع النية فالوضوء لا يكون إلا بنية . إذا توضأ العبد المسلم خرجت خطاياه مع الماء أو مع آخر قطر الماء
وأبو حنيفة يقول : فلا تشترط لها النية كاللباس وإزالة النجاسة وأولئك يقولون : اللباس والإزالة يقعان عبادة وغير عبادة ولهذا لم يرد نص بثواب الإنسان على جنس اللباس والإزالة وقد وردت النصوص بالثواب على جنس الوضوء . الطهارة شرط من شرائط الصلاة
وأبو حنيفة يقول : النصوص وردت بالثواب على الوضوء المعتاد [ ص: 260 ] وعامة المسلمين إنما يتوضئون بالنية نادر لا يقع إلا لمثل من أراد تعليم غيره ونحو ذلك والجمهور يقولون : هذا الوضوء الذي اعتاده المسلمون هو الوضوء الشرعي الذي تصح به الصلاة وما سوى هذا لا يدخل في نصوص الشارع كقوله صلى الله عليه وسلم { والوضوء الخالي عن النية } فإن المخاطبين لا يعرفون الوضوء المأمور به إلا الوضوء الذي أثنى عليه وحث عليه وغير هذا لا يعرفونه فلا يقصد إدخاله في عموم كلامه ولا يتناوله النص . لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ