فصل ومما ينبغي أن يعرف أنا لا نقول إن الشيء لا يعرف إلا بإثبات جميع لوازمه . هذا لا يقوله عاقل بل قد تعرف عامة الأشياء وكثير [ ص: 463 ] من لوازمها لا تعرف وقد يعلم المسلمون أن الرب على كل شيء قدير وأنه يفعل ما يشاء وهم لا يعرفون كثيرا من لوازم القدرة والمشيئة . لكن أهل الاستقامة كما لا يعرفون اللوازم فلا ينفونها فإن نفيها خطأ .
وأما عدم العلم بها كلها فهذا لازم لجميع الناس فسبحان من أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا . وما سواه { ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء } وهو سبحانه { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما } ولكن المقصود بيان أن المخالفين للرسول صلى الله عليه وسلم ولو في كلمة لا بد أن يكون في قولهم من الخطأ بحسب ذلك . وأن وتناقض ما يقوله أهل البدع المخالفون للكتاب والسنة . وإذا قالوا : إن العقل يخالف النقل أخطئوا في خمسة أصول : أحدها : أن العقل الصريح لا يناقضه . الثاني : أنه يوافقه الثالث : أن ما يدعونه من العقل المعارض ليس بصحيح . الرابع : أن ما ذكروه من المعقول المعارض هو المعارض للمعقول الصريح . الخامس : أن ما أثبتوا به الأصول كمعرفة الباري وصفاته لا يثبتها بل يناقض إثباتها . الأدلة العقلية والسمعية المنقولة عن سائر الأنبياء توافق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم