علم الإنسان ما لم يعلم } يدل على قدرته على تعليم الإنسان ما قد علمه مع كون جنس الإنسان فيه أنواع من النقص . فإذا كان قادرا على ذلك التعليم فقدرته على تعليم الأنبياء ما علمهم أولى وأحرى . وذلك يدخل في قوله { وقوله { علم الإنسان ما لم يعلم } فإن الأنبياء من الناس .
فقد دلت هذه الآيات على جميع الأصول العقلية فإن إمكان النبوات هو آخر ما يعلم بالعقل .
وأما وجود الأنبياء وآياتهم فيعلم بالسمع المتواتر مع أن قوله { علم الإنسان ما لم يعلم } يدخل فيه إثبات تعليمه للأنبياء ما علمهم فهي تدل على الإمكان والوقوع .
[ ص: 363 ] وقد ذكرنا في مواضع أن تنزيهه يرجع إلى أصلين . تنزيهه عن النقص المناقض لكماله . فما دل على ثبوت الكمال له فهو يدل على تنزهه عن النقص المناقض لكماله .
وهذا مما يبين أن تنزهه عن النقص معلوم بالعقل بخلاف ما قال طائفة من المتكلمين إن ذلك لا يعلم إلا بالسمع .
وقد بينا في غير هذا الموضع أن الطرق العقلية التي سلكوها من الاستدلال بالإعراض على حدوث الأجسام لا تدل على إثباته ولا على إثبات شيء من صفات الكمال ولا على تنزهه عن شيء من النقائص .
فليس عند القوم ما يحيلون به عنه شيئا من النقائص . وهم معترفون بأن الأفعال يجوز عليه منها كل شيء بخلاف الصفات . لكن طريقهم في الصفات فاسد متناقض كما قد بسط في غير هذا الموضع .
الثاني : أنه ليس كمثله شيء في صفات الكمال .
والقرآن مملوء بإثبات هذين الأصلين بإثبات صفات الكمال على وجه التفصيل عما يقول الظالمون علوا كبيرا . وتنزيهه عن التمثيل سبحانه وتعالى