[ ص: 6245 ] بسم الله الرحمن الرحيم
102- سورة التكاثر
وهي مكية وآيها ثمان.
[ ص: 6246 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى:
[ 1 - 8 ]
nindex.php?page=treesubj&link=30196_32407_32506_32507_32944_34310_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=1ألهاكم التكاثر nindex.php?page=treesubj&link=32872_34310_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=2حتى زرتم المقابر nindex.php?page=treesubj&link=18800_30532_30539_32925_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=3كلا سوف تعلمون nindex.php?page=treesubj&link=30532_30539_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=4ثم كلا سوف تعلمون nindex.php?page=treesubj&link=30532_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=5كلا لو تعلمون علم اليقين nindex.php?page=treesubj&link=30428_30532_30539_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=6لترون الجحيم nindex.php?page=treesubj&link=30532_30539_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=7ثم لترونها عين اليقين nindex.php?page=treesubj&link=30532_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=8ثم لتسألن يومئذ عن النعيم nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=1ألهاكم التكاثر nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=2حتى زرتم المقابر أي: شغلكم التباهي بالكثرة في المال والولد ونحوهما، فيقول هذا:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=34أنا أكثر منك مالا والآخر: أنا أكثر منك ولدا، وهكذا مما يصرف عن الجد في العمل، ويطفئ نور الاستعداد وصفاء الفطرة والعقل والكمالات المعنوية الباقية، ذهب بكم التفاخر والتباهي بهذه الأمور الفانية، من كثرة الأموال والأولاد، وشرف الآباء والأجداد كل مذهب
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=2حتى زرتم المقابر أي: حتى هلكتم ومتم وصرتم من أصحاب القبور، فأفنيتم عمركم في الأعمال السيئة وما تنبهتم طول حياتكم إلى ما هو سبب سعادتكم ونجاتكم. وزيارة القبور عبارة عن الموت.
روى
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري شواهد لها: قال
الشهاب: وفيها إشارة إلى
nindex.php?page=treesubj&link=30336تحقق البعث; لأن الزائر لا بد من انصرافه عما زاره، ولذا قال بعض الأعراب لما سمعها: بعثوا ورب الكعبة! وقال
ابن عبد العزيز: لا بد لمن زار، أن يرجع إلى جنة أو نار. وسمى بعض البلغاء المقبرة دهليز
[ ص: 6247 ] الآخرة.
"كلا" ردع عن الاشتغال بالتكاثر، وتوهم أن الفوز بالتفاخر. فإن الفوز بالتناصر على الحق والتحلي بالفضائل
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=3سوف تعلمون أي: مغبة ما أنتم عليه في الآخرة من وخامة عاقبة الاشتغال بهذه الشهوات السريعة الزوال، العظيمة الوبال، لبقاء تبعاتها.
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=4ثم كلا سوف تعلمون تكرير للتأكيد، و "ثم" للدلالة على أن الثاني أبلغ من الأول. أو الأول عند الموت، والثاني عند النشور.
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=5كلا لو تعلمون علم اليقين أي: لو تعلمون ما بين أيديكم من الجزاء علم الأمر اليقين، لكان ما لا يدخل تحت الوصف من
nindex.php?page=treesubj&link=28766_30351الندم والتحسر على فوات العمر العزيز في التكاثر والذهول عن الحق به. واليقين بمعنى المتيقن، صفة لمحذوف، أو صفة للعلم، على أنه من إضافة الصفة للموصوف، وحذف جواب "لو" يطلبه العقل من الشرط وما سبقه، ليستحكم فيه فضل استحكام.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=6لترون الجحيم جواب قسم مضمر، أكد به الوعيد، وشدد به التهديد، وأوضح به ما أنذروه تفخيما.
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=7ثم لترونها عين اليقين أي: الرؤية التي هي نفس اليقين، فالعين هنا بمعنى النفس، كما في: (جاء زيد عينه)، أي: نفسه. وإنما كانت نفس اليقين، لأن الانكشاف بالرؤية والمشاهدة، فوق سائر الانكشافات; فهو أحق بأن يكون عين اليقين. والتكرير للتأكيد.
قال
الإمام: وكني برؤية الجحيم عن ذوق العذاب فيها، وهي كناية شائعة في الكتاب العزيز:
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=8ثم لتسألن يومئذ عن النعيم أي: عن النعيم الذي ألهاكم التكاثر به والتفاخر في الدنيا ماذا عملتم فيه، ومن أين وصلتم إليه، وفيم أصبتموه، وماذا عملتم به؟ ويدخل في ذلك ما أنعم عليهم من السمع والبصر وصحة البدن.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
nindex.php?page=treesubj&link=29468_19614النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار. قال: يسأل الله العباد فيم استعملوا وهو أعلم بذلك منهم. وهو قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : لم يخصص في خبره تعالى نوعا من النعيم دون نوع، بل عم; فهو سائلهم عن جميع النعيم، ولذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : أي: عن كل شيء من لذة الدنيا. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : إن الله عز وجل سائل كل عبد عما استودعه من نعمه وحقه.
[ ص: 6245 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
102- سُورَةُ التَّكَاثُرِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ وَآيُهَا ثَمَانٍ.
[ ص: 6246 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[ 1 - 8 ]
nindex.php?page=treesubj&link=30196_32407_32506_32507_32944_34310_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=1أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ nindex.php?page=treesubj&link=32872_34310_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=2حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ nindex.php?page=treesubj&link=18800_30532_30539_32925_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=3كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30532_30539_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=4ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30532_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=5كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ nindex.php?page=treesubj&link=30428_30532_30539_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=6لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ nindex.php?page=treesubj&link=30532_30539_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=7ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ nindex.php?page=treesubj&link=30532_29073nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=8ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=1أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=2حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ أَيْ: شَغَلَكُمُ التَّبَاهِي بِالْكَثْرَةِ فِي الْمَالِ وَالْوَلَدِ وَنَحْوِهِمَا، فَيَقُولُ هَذَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=34أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَالْآخَرُ: أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ وَلَدًا، وَهَكَذَا مِمَّا يَصْرِفُ عَنِ الْجِدِّ فِي الْعَمَلِ، وَيُطْفِئُ نُورَ الِاسْتِعْدَادِ وَصَفَاءَ الْفِطْرَةِ وَالْعَقْلِ وَالْكَمَالَاتِ الْمَعْنَوِيَّةَ الْبَاقِيَةَ، ذَهَبَ بِكُمُ التَّفَاخُرُ وَالتَّبَاهِي بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْفَانِيَةِ، مِنْ كَثْرَةِ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، وَشَرَفِ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ كُلَّ مَذْهَبٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=2حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ أَيْ: حَتَّى هَلَكْتُمْ وَمِتُّمْ وَصِرْتُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ، فَأَفْنَيْتُمْ عُمْرَكُمْ فِي الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ وَمَا تَنَبَّهْتُمْ طُولَ حَيَاتِكُمْ إِلَى مَا هُوَ سَبَبُ سَعَادَتِكُمْ وَنَجَاتِكُمْ. وَزِيَارَةُ الْقُبُورِ عِبَارَةٌ عَنِ الْمَوْتِ.
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ شَوَاهِدَ لَهَا: قَالَ
الشِّهَابُ: وَفِيهَا إِشَارَةٌ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30336تَحَقُّقِ الْبَعْثِ; لِأَنَّ الزَّائِرَ لَا بُدَّ مِنِ انْصِرَافِهِ عَمَّا زَارَهُ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الْأَعْرَابِ لَمَّا سَمِعَهَا: بُعِثُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ! وَقَالَ
ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَا بُدَّ لِمَنْ زَارَ، أَنْ يَرْجِعَ إِلَى جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ. وَسَمَّى بَعْضُ الْبُلَغَاءِ الْمَقْبَرَةَ دِهْلِيزَ
[ ص: 6247 ] الْآخِرَةِ.
"كَلَّا" رَدْعٌ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالتَّكَاثُرِ، وَتَوَهُّمٌ أَنَّ الْفَوْزَ بِالتَّفَاخُرِ. فَإِنَّ الْفَوْزَ بِالتَّنَاصُرِ عَلَى الْحَقِّ وَالتَّحَلِّي بِالْفَضَائِلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=3سَوْفَ تَعْلَمُونَ أَيْ: مَغَبَّةَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ مِنْ وَخَامَةِ عَاقِبَةِ الِاشْتِغَالِ بِهَذِهِ الشَّهَوَاتِ السَّرِيعَةِ الزَّوَالِ، الْعَظِيمَةِ الْوَبَالِ، لِبَقَاءِ تَبِعَاتِهَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=4ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ تَكْرِيرٌ لِلتَّأْكِيدِ، وَ "ثُمَّ" لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ أَبْلَغُ مِنَ الْأَوَّلِ. أَوِ الْأَوَّلُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَالثَّانِي عِنْدَ النُّشُورِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=5كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ أَيْ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ مِنَ الْجَزَاءِ عِلْمَ الْأَمْرِ الْيَقِينِ، لَكَانَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصْفِ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28766_30351النَّدَمِ وَالتَّحَسُّرِ عَلَى فَوَاتِ الْعُمُرِ الْعَزِيزِ فِي التَّكَاثُرِ وَالذُّهُولِ عَنِ الْحَقِّ بِهِ. وَالْيَقِينُ بِمَعْنَى الْمُتَيَقِّنِ، صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ، أَوْ صِفَةٌ لِلْعِلْمِ، عَلَى أَنَّهُ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ، وَحَذْفُ جَوَابِ "لَوْ" يَطْلُبُهُ الْعَقْلُ مِنَ الشَّرْطِ وَمَا سَبَقَهُ، لِيَسْتَحْكِمَ فِيهِ فَضْلَ اسْتِحْكَامٍ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=6لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ جَوَابُ قَسَمٍ مُضْمَرٍ، أَكَّدَ بِهِ الْوَعِيدَ، وَشَدَّدَ بِهِ التَّهْدِيدَ، وَأَوْضَحَ بِهِ مَا أُنْذَرُوهُ تَفْخِيمًا.
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=7ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ أَيِ: الرُّؤْيَةَ الَّتِي هِيَ نَفْسُ الْيَقِينِ، فَالْعَيْنُ هُنَا بِمَعْنَى النَّفْسِ، كَمَا فِي: (جَاءَ زَيْدٌ عَيْنُهُ)، أَيْ: نَفْسُهُ. وَإِنَّمَا كَانَتْ نَفْسَ الْيَقِينِ، لِأَنَّ الِانْكِشَافَ بِالرُّؤْيَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ، فَوْقَ سَائِرِ الِانْكِشَافَاتِ; فَهُوَ أَحَقُّ بِأَنْ يَكُونَ عَيْنَ الْيَقِينِ. وَالتَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ.
قَالَ
الْإِمَامُ: وَكُنِّيَ بِرُؤْيَةِ الْجَحِيمِ عَنْ ذَوْقِ الْعَذَابِ فِيهَا، وَهِيَ كِنَايَةٌ شَائِعَةٌ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=8ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ أَيْ: عَنِ النَّعِيمِ الَّذِي أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ بِهِ وَالتَّفَاخُرُ فِي الدُّنْيَا مَاذَا عَمِلْتُمْ فِيهِ، وَمِنْ أَيْنَ وَصَلْتُمْ إِلَيْهِ، وَفِيمَ أَصَبْتُمُوهُ، وَمَاذَا عَمِلْتُمْ بِهِ؟ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَصِحَّةِ الْبَدَنِ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=29468_19614النَّعِيمُ صِحَّةُ الْأَبْدَانِ وَالْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ. قَالَ: يَسْأَلُ اللَّهُ الْعِبَادَ فِيمَ اسْتَعْمَلُوا وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْهُمْ. وَهُوَ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ : لَمْ يُخَصِّصْ فِي خَبَرِهِ تَعَالَى نَوْعًا مِنَ النَّعِيمِ دُونَ نَوْعٍ، بَلْ عَمَّ; فَهُوَ سَائِلُهُمْ عَنْ جَمِيعِ النَّعِيمِ، وَلِذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : أَيْ: عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ لَذَّةِ الدُّنْيَا. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَائِلٌ كُلَّ عَبْدٍ عَمَّا اسْتَوْدَعَهُ مِنْ نِعَمِهِ وَحَقِّهِ.