القول في تأويل قوله تعالى :
[118-119] وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم .
وعلى الذين هادوا يعني اليهود : حرمنا ما قصصنا عليك من قبل أي : [ ص: 3874 ] في سورة الأنعام في قوله تعالى : وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما الآية وما ظلمناهم أي : فيما حرمنا عليهم : ولكن كانوا أنفسهم يظلمون أي : فاستحقوا ذلك . كقوله : فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وقد سلف لنا ما ذكروه في تفسيرها مما يجيء هنا ، فتذكر . قالوا : في الآية تنبيه على الفرق بينهم وبين غيرهم في التحريم . فإن هذه الأمة لم يحرم عليها إلا ما فيه مضرة لها . وغيرهم قد يحرم عليهم ما لا ضرر فيه ، عقوبة لهم بالمنع ، كاليهود .
ثم بين تعالى بقوله : عظيم فضله في قبول توبة من تاب من العصاة
ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا أي : العمل فيما بينهم وبين ربهم : إن ربك من بعدها أي : التوبة : لغفور رحيم
ثم نوه تعالى بإبراهيم عليه الصلاة والسلام ، دعاء لهم إلى سلوك طريقته في التوحيد ، ورفض الوثنية ، وتبرئة لمقامه ، مما كانوا يفترون عليه ، بقوله سبحانه :