[ ص: 72 ] سورة هود
عليه السلام
فصل في نزولها
روى ابن أبي طلحة عن أنها مكية كلها ، وبه قال ابن عباس ، الحسن ، وعكرمة ، ومجاهد ، وجابر بن زيد . وروي عن وقتادة أنه قال : هي مكية ، إلا آية ، وهي قوله : ابن عباس وأقم الصلاة طرفي النهار [هود :114] ، وعن نحوه . وقال قتادة : هي مكية كلها ، إلا قوله : مقاتل فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك [هود :12] وقوله : أولئك يؤمنون به [هود :17] وقوله : إن الحسنات يذهبن السيئات [هود :114] .
وروى رضي الله عنه قال : أبو بكر الصديق . قلت : يا رسول الله ، عجل إليك الشيب ، قال : " شيبتني هود وأخواتها : الحاقة ، والواقعة ، وعم يتساءلون ، وهل أتاك حديث الغاشية "
[ ص: 73 ] بسم الله الرحمن الرحيم
الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير
فأما " آلر " فقد ذكرنا تفسيرها في سورة ( يونس )
قال : و " كتاب " مرفوع بالهجاء الذي قبله ، كأنك قلت : حروف الهجاء هذا القرآن ، وإن شئت رفعته بإضمار " هذا كتاب " ، والكتاب : القرآن . الفراء
وفي قوله : " أحكمت آياته " أربعة أقوال :
أحدها : أحكمت فما تنسخ بكتاب كما نسخت الكتب والشرائع ، قاله ، واختاره ابن عباس . ابن قتيبة
والثاني : أحكمت بالأمر والنهي ، قاله ، الحسن . وأبو العالية
والثالث : أحكمت عن الباطل أي : منعت ، قاله ، قتادة . ومقاتل
والرابع : أحكمت بمعنى جمعت ، قاله ابن زيد .
فإن قيل : كيف عم الآيات هاهنا بالإحكام ، وخص بعضها في قوله : منه آيات محكمات [آل عمران :8] ؟ فعنه جوابان .
أحدهما أن الإحكام الذي عم به هاهنا ، غير الذي خص به هناك .
وفي معنى الإحكام العام خمسة أقوال ، قد أسلفنا منها أربعة في قوله : " أحكمت آياته "
والخامس : أنه إعجاز النظم والبلاغة وتضمين الحكم المعجزة .
[ ص: 74 ] ومعنى الإحكام الخاص : زوال اللبس ، واستواء السامعين في معرفة معنى الآية .
والجواب الثاني : أن الإحكام في الموضعين بمعنى واحد . والمراد بقوله : " أحكمت آياته " : أحكم بعضها بالبيان الواضح ومنع الالتباس ، فأوقع العموم على معنى الخصوص ، كما تقول العرب : قد أكلت طعام زيد ، يعنون : بعض طعامه ، ويقولون : قتلنا ورب الكعبة ، يعنون : قتل بعضنا ، ذكر ذلك . ابن الأنباري
وفي قوله : " ثم فصلت " ستة أقوال :
أحدها : فصلت بالحلال والحرام ، رواه عن أبو صالح . ابن عباس
والثاني : فصلت بالثواب والعقاب ، رواه جسر بن فرقد عن . الحسن
والثالث : فصلت بالوعد والوعيد ، رواه أبو بكر الهذلي عن أيضا . الحسن
والرابع : فصلت بمعنى فسرت ، قاله . مجاهد
الخامس : أنزلت شيئا بعد شيء ، ولم تنزل جملة ، ذكره . ابن قتيبة
والسادس : فصلت بجميع ما يحتاج إليه من الدلالة على التوحيد ، وتثبيت نبوة الأنبياء ، وإقامة الشرائع ، قاله . الزجاج
قوله تعالى : " من لدن حكيم " أي : من عنده .