قوله: "غيره" الهاء فيها وجهان، أحدهما: أنه تعود على الآيات، وعاد مفردا مذكرا؛ لأن الآيات في معنى الحديث والقرآن. وقيل: إنها تعود على الخوض؛ أي: المدلول عليه بالفعل، كقوله:
1947 - إذا نهي السفيه جرى إليه وخالف والسفيه إلى خلاف
أي: جرى إلى السفه، دل عليه الصفة كما دل الفعل على مصدره؛ أي: [ ص: 675 ] حتى يخوضوا في حديث غير الخوض.
قوله: "ينسينك" قراءة العامة: "ينسينك" بتخفيف السين من "أنساه"، كقوله: وما أنسانيه إلا الشيطان ، فأنساه الشيطان . وقرأ بتشديدها من "نساه"، والتعدي جاء في هذا الفعل بالهمزة مرة وبالتضعيف أخرى، كما تقدم في أنجى ونجى، وأمهل ومهل. والمفعول الثاني محذوف في القراءتين، تقديره: وإما ينسينك الشيطان الذكر أو الحق. والأحسن أن تقدر ما يليق بالمعنى؛ أي: وإما ينسينك الشيطان ما أمرت به من ترك مجالسه الخائضين بعد تذكيرك، فلا تقعد بعد ذلك معهم، وإنما أبرزهم ظاهرين تسجيلا عليهم بصفة الظلم، وجاء الشرط الأول بـ "إذا"؛ لأن خوضهم في الآيات محقق، وفي الشرط الثاني بـ "إن"؛ لأن إنساء الشيطان له ليس أمرا محققا، بل قد يقع وقد لا يقع، وهو معصوم منه. ابن عامر
ولم يجئ مصدر على فعلى غير "ذكرى". وقال : "وإما" شرط، ويلزمها في الأغلب النون الثقيلة، وقد لا تلزم، كقوله: ابن عطية
1948 - إما يصيبك عدو في مناوأة ... ... ... ...
وهذا الذي ذكره من لزوم التوكيد هو مذهب والناس على خلافه، وأنشدوا ما أنشده الزجاج، وأبياتا أخر ذكرتها في " شرح التسهيل "، كقوله: [ ص: 676 ] ابن عطية
إما تريني اليوم أم حمز
على أني قد ضممت كثيرا من أطراف هذه المسألة في أوائل البقرة، إلا أن أحدا لم يقل: يلزم توكيده بالثقيلة دون الخفيفة، وإن كان ظاهر عبارة أبي محمد ذلك.