قوله: "من إله" مبتدأ وخبر، و "من" استفهامية، "وغير الله" صفة بـ "إله"، و "يأتيكم" صفة ثانية، والهاء في "به" تعود على سمعكم. وقيل: تعود على الجميع. ووحد ذهابا به مذهب اسم الإشارة. وقيل: تعود على الهدي المدلول عليه بالمعنى. وقيل: يعود على المأخوذ والمختوم المدلول عليهما بالأخذ والختم. والاستفهام هنا للإنكار.
قوله: "انظر كيف نصرف": "كيف" معمولة لنصرف، ونصبها: إما على التشبيه بالحال أو التشبيه بالظرف، وهي معلقة لـ "انظر"، فهي في محل نصب بإسقاط حرف الجر، وهذا كله ظاهر مما تقدم. "ويصدفون" معناه: يعرضون، يقال: صدف عن الشيء صدفا وصدوفا وصدافية، قال عدي بن الرقاع:
1929 - إذا ذكرن حديثا قلن أحسنه وهن عن كل سوء يتقى صدف
"صدف" جمع صدوف، كـ "صبر" في جمع صبور، وقيل: معنى صدف: مال، مأخوذ من الصدف في البعير، وهو أن يميل خفه من اليد إلى الرجل من الجانب الوحشي. والصدف جمع صدفة، وهي المحارة التي تكون فيها الدرة، قال: [ ص: 637 ]
1930 - وزادها عجبا أن رحت في سبل وما درت دوران الدر في الصدف
والصدف والصدف بفتح الصاد والدال وضمهما، وضم الصاد وسكون الدال ناحية الجبل المرتفع، وسيأتي لهذا مزيد بيان.
والجمهور: "به انظر" بكسر الهاء على الأصل، وروى المسيبي عن "به انظر" بضمها نظرا إلى الأصل. وقرأ الجمهور أيضا: "نصرف" مضعفا، وقرئ شاذا: "نصرف" بكسر الراء من صرف ثلاثيا. نافع:
قوله: "هل يهلك" هذا استفهام بمعنى النفي؛ ولذلك دخلت "إلا"، وهو استثناء مفرغ، والتقدير: ما يهلك إلا القوم الظالمون. وهذه الجملة الاستفهامية في موضع المفعول الثاني لـ "أرأيتكم" والأول محذوف، وهذا من التنازع على رأي الشيخ كما تقدم تقريره. وقال : "الاستفهام ههنا بمعنى التقرير، فلذلك ناب عن جواب الشرط؛ أي: إن أتاكم هلكتم، والظاهر ما قدمته، ويجيء هنا قول الحوفي المتقدم في الآية قبلها من كون الشرط حالا. وقرأ أبو البقاء ابن محيصن: "هل يهلك" مبنيا للفاعل. وتقدم الكلام أيضا على "بغتة" اشتقاقا وإعرابا".