والتضرع: تفعل من الضراعة، وهي الذلة والهيئة المسببة عن الانقياد إلى الطاعة، يقال: ضرع يضرع ضراعة، فهو ضارع وضرع، قال:
1927 - ليبك يزيد ضارع لخصومة ومختبط مما تطيح الطوائح
وللسهولة والتذلل المفهومة من هذه المادة اشتقوا منها للثدي اسما، فقالوا له: "ضرعا"
قوله: "ولكن قست قلوبهم": "لكن" هنا واقعة بين ضدين، وهما اللين والقسوة؛ وذلك أن قوله: "تضرعوا" مشعر باللين والسهولة، وكذلك إذا جعلت الضراعة عبارة عن الإيمان، والقسوة عبارة عن الكفر، وعبرت عن السبب بالمسبب وعن المسبب بالسبب، ألا ترى أنك تقول: "آمن قلبه فتضرع، وقسا قلبه فكفر"، وهذا أحسن من قول : "ولكن" استدراك على المعنى؛ أي: ما تضرعوا ولكن"، يعني: أن التحضيض في معنى النفي، وقد يترجح هذا بما قاله أبي البقاء ، فإنه قال: "معناه نفي التضرع، كأنه قيل: لم يتضرعوا إذ جاءهم بأسنا، ولكنه جاء بـ "لولا" ليفيد أنه لم يكن لهم عذر في ترك التضرع، إلا قسوة قلوبهم، وإعجابهم بأعمالهم التي زينها الشيطان لهم". الزمخشري
قوله: "وزين لهم" هذه الجملة تحتمل وجهين، أحدهما: أن تكون استئنافية، أخبر تعالى عنهم بذلك. والثاني - وهو الظاهر -: أنها داخلة في حيز [ ص: 634 ] الاستدراك، فهي نسق على قوله: "قست قلوبهم"، وهذا رأي فإنه قال: "لم يكن لهم عذر في ترك التضرع إلا قسوة قلوبهم وإعجابهم بأعمالهم"، وقد تقدم ذلك. و "ما" في قوله: الزمخشري، "ما كانوا" يحتمل أن تكون موصولة اسمية؛ أي: الذي كانوا يعملونه، وأن تكون مصدرية؛ أي: زين لهم عملهم، كقوله: زينا لهم أعمالهم ، ويبعد جعلها نكرة موصوفة.