1716 - ... ... ... ... يا لقومي للسوءة السواء
ويجوز تخفيفها بإلقاء حركة الهمزة على الواو، وهي قراءة وحينئذ فلا يجوز قلب هذه الواو ألفا، وإن صدق عليها أنها حرف علة متحرك منفتح ما قبله؛ لأن حركتها عارضة، ومثلها: "جيل، وتوم" مخففي جيئل وتوءم، يجوز أيضا قلب هذه الهمزة واوا، وإدغام ما قبلها فيها تشبيها للأصلي بالزائد، وهي لغة، يقولون في "شيء، وضوء": شي، وضو، قال: الزهري،
1717 - وإن برواسية طاروا بها فرحا مني وما سمعوا من صالح دفنوا [ ص: 245 ]
وبهذا الوجه قرأ أبو جعفر.
قوله: "يا ويلتا" قلب ياء المتكلم ألفا، وهي لغة فاشية في المنادى المضاف إليها، وهي إحدى اللغات الست، وقد تقدم ذكرها، وقرئ كذلك على الأصل، وهي قراءة والنداء وإن كان أصله لمن يتأتى منه الإقبال وهم العقلاء، إلا أن العرب تتجوز فتنادي ما لا يعقل، والمعنى: يا ويلتي احضري فهذا أوان حضورك، ومثله: الحسن البصري. يا حسرة على العباد ، و يا حسرتا على ما فرطت . وأمال حمزة، والكسائي، في رواية وأبو عمرو ألف "حسرتا". والجمهور قرأ: الدوري "أعجزت" بفتح الجيم، وهي اللغة الفصيحة، يقال: "عجزت" - بالفتح في الماضي - "أعجز" بكسرها في المضارع. وقرأ الحسن، والفياض، ، وابن مسعود بكسرها، وهي لغية شاذة، وإنما المشهور أن يقال: "عجزت المرأة" بالكسر؛ أي: كبرت عجيزتها. و وطلحة "أن أكون" على إسقاط الخافض؛ أي: عن أن أكون، فلما حذف جرى فيه الخلاف المشهور.
قوله: "فأواري" قرأ الجمهور بنصب الياء، وفيها تخريجان، أصحهما: أنه عطف على "أكون" المنصوبة بـ "أن" منتظما في سلكه؛ أي: أعجزت عن كوني مشبها للغراب فمواريا. والثاني: - ولم يذكر غيره - أنه منصوب على جواب الاستفهام في قوله: الزمخشري "أعجزت"، يعني: فيكون من باب [ ص: 246 ] قوله: فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا . وهذا الذي ذكره رده أبو القاسم بعد أن حكاه عن قوم، قال: وذكر بعضهم أنه يجوز أن ينتصب على جواب الاستفهام، وليس بشيء؛ إذ ليس المعنى: أيكون مني عجز فمواراة، ألا ترى أن قولك: أين بيتك فأزورك، معناه: لو عرفت لزرت، وليس المعنى هنا: لو عجزت لواريت. قلت: وهذا الرد على ظاهره صحيح، وبسط عبارة أبو البقاء أن النحاة يشترطون في جواز نصب الفعل بإضمار "أن" بعد الأشياء الثمانية - غير النفي - أن ينحل الكلام إلى شرط وجزاء، فإن انعقد منه شرط وجزاء صح النصب، وإلا امتنع، ومنه: أين بيتك فأزورك؛ [ أي ]: إن عرفتني بيتك أزرك، وفي هذا المقام لو حل منه شرط وجزاء لفسد المعنى، إذ يصير التقدير: إن عجزت واريت، وهذا ليس بصحيح؛ لأنه إذا عجز كيف يواري. ورد الشيخ على أبي البقاء: بما تقدم، وجعله غلطا فاحشا، وهو مسبوق إليه كما رأيت، فأساء عليه الأدب بشيء نقله عن غيره، الله أعلم بصحته. أبي القاسم
وقرأ الفياض بن غزوان بسكون الياء، وخرجها وطلحة بن مصرف على أحد وجهين: إما القطع؛ أي: فأنا أواري، وإما على التسكين في موضع النصب تخفيفا. وقال الزمخشري هي لغية لتوالي الحركات. قال الشيخ: ولا يصح أن تعلل القراءة بهذا ما وجد عنه [ ص: 247 ] مندوحة، إذ التسكين في الفتحة لا يجوز إلا ضرورة، وأيضا فلم تتوال حركات. ابن عطية:
وقوله: "فأصبح" بمعنى: صار، قال ابن عطية: قوله: "فأصبح" عبارة عن جميع أوقاته، أقيم بعض الزمان مقام كله، وخص الصباح بذلك؛ لأنه بدء النهار والانبعاث إلى الأمور ومظنة النشاط، ومنه قول الربيع:
1718 - أصبحت لا أحمل السلاح ولا ... ... ... ...
وقول "ثم أصبحت سعد بن أبي وقاص: بنو أسد تعذرني على الإسلام" إلى غير ذلك. قال الشيخ: وهذا التعليل الذي ذكره لكون "أصبح" عبارة عن جميع أوقاته، وإنما خص الصباح لكونه بدء النهار، ليس بجيد؛ لأن العرب استعملت أضحى، وبات، وأمسى، بمعنى: صار، وليس شيء منها بدء النهار، وكيف يحسن أن يرد على أبي محمد بمثل هذا ؟ وهو لم يقل إنها لما أقيمت مقام أوقاته للعلة التي ذكرها تكون بمعنى صار، حتى يلزم بأخواتها ما نقضه عليه.