و "من حسنة" الكلام فيه كالكلام في قوله: ما ننسخ من آية ، وقد تقدم، والفاء في "فمن الله" جواب الشرط على الأول وزائدة على الثاني، والجار بعدها خبر لمبتدأ محذوف تقديره: فهو من الله، والجملة: إما في محل جزم أو رفع على حسب القولين. واختلف في كاف الخطاب، فقيل: المراد: كل أحد. وقيل: الرسول، والمراد: أمته. وقيل: الفريق في قوله: "إذا فريق"، وذلك لأن "فريقا" اسم جمع فله لفظ ومعنى، فراعى لفظه فأفرد، كقوله:
1617 - تفرق أهلانا ببين فمنهم فريق أقام واستقل فريق
وقيل في قوله: "فمن نفسك": إن همزة الاستفهام محذوفة، تقديره: أفمن نفسك، وهو كثير، كقوله تعالى: وتلك نعمة تمنها ، وقوله تعالى: بازغا قال هذا ربي ، ومنه:
1618 - رفوني وقالوا: يا خويلد لا ترع فقلت وأنكرت الوجوه هم هم
وقوله: [ ص: 49 ]
1619 - أفرح أن أرزأ الكرام وأن أورث ذودا شصائصا نبلا
تقديره: وأتلك، وأهذا ربي، وأهم هم، وأأفرح، وهذا لم يجزه من النحاة إلا وأما غيره فلم يجزه إلا قبل "أم"، كقوله: الأخفش،
1620 - لعمرك ما أدري وإن كنت داريا بسبع رمين الجمر أم بثمان
وقيل: ثم قول مقدر؛ أي: لا يكادون يفقهون حديثا، يقولون: ما أصابك.
وقرأت "فمن نفسك" بفتح ميم "من" ورفع السين، على الابتداء والخبر؛ أي: أي شيء نفسك حتى ينسب إليها فعل ؟ عائشة:
قوله: "رسولا" فيه وجهان، أحدهما: أنه حال مؤكدة. والثاني: أنه مصدر مؤكد بمعنى إرسال، ومن مجيء "رسول" مصدرا قوله:
1621 - لقد كذب الواشون ما بحت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسول
أي: بإرسال، بمعنى: رسالة. و "للناس" يتعلق بـ "أرسلناك" واللام للعلة. وأجاز أن يكون حالا من "رسولا"، كأنه جعله في الأصل صفة للنكرة فقدم عليها، وفيه نظر. [ ص: 50 ] أبو البقاء