وقرأ " أشداء ، رحماء " بالنصب : إما على المدح ، وإما على الحال من الضمير المستكن في " معه " لوقوعه صلة ، والخبر حينئذ عن المبتدأ . الحسن
قوله : تراهم ركعا سجدا حالان ; لأن الرؤية بصرية ، وكذلك " يبتغون " [ ص: 721 ] يجوز أن يكون مستأنفا ، وإذا كانت حالا فيجوز أن تكون حالا ثالثة من مفعول " تراهم " وأن تكون من الضمير المستتر في " ركعا سجدا " . وجوز أن يكون " سجدا " حالا من الضمير في " أبو البقاء ركعا " حالا مقدرة . فعلى هذا يكون " يبتغون " حالا من الضمير في " سجدا " فتكون حالا من حال ، وتلك الحال الأولى حال من حال أخرى .
وقرأ " أشدا " بالقصر ، والقصر من ضرائر الأشعار كقوله : ابن يعمر
4081 - لا بد من صنعا وإن طال السفر
فلذلك كانت شاذة . قال الشيخ : " وقرأ عمرو بن عبيد " ورضوانا " بضم الراء " . قلت : هذه قراءة متواترة قرأها في رواية عاصم أبي بكر عنه قدمتها في سورة آل عمران ، واستثنيت له حرفا واحدا وهو ثاني المائدة .
وقرئ " سيمياؤهم " بياء بعد الميم والمد ، وهي لغة فصيحة وأنشد :
4082 - غلام رماه الله بالحسن يافعا له سيمياء لا تشق على البصر
[ ص: 722 ] وتقدم الكلام عليها وعلى اشتقاقها في آخر البقرة . و " في وجوههم " خبر " سيماهم " .
قوله : من أثر السجود حال من الضمير المستتر في الجار ، وهو " في وجوههم " .
والعامة " من أثر " بفتحتين ، بكسر وسكون ، وابن هرمز " من آثار " جمعا . وقتادة
قوله : " ذلك مثلهم " " ذلك " إشارة إلى ما تقدم من وصفهم بكونهم أشداء رحماء لهم سيما في وجوههم ، وهو مبتدأ خبره " مثلهم " و " في التوراة " حال من مثلهم " والعامل معنى الإشارة .
قوله : ومثلهم في الإنجيل يجوز فيه وجهان ، أحدهما : أنه مبتدأ وخبره " كزرع " فيوقف على قوله : " في التوراة " فهما مثلان . وإليه ذهب . والثاني : أنه معطوف على " مثلهم " الأول ، فيكون مثلا واحدا في الكتابين ، ويوقف حينئذ على " الإنجيل " وإليه نحا ابن عباس مجاهد ، ويكون قوله على هذا : " والفراء كزرع " فيه أوجه ، أحدها : أنه خبر مبتدأ مضمر أي : مثلهم كزرع ، فسر بها المثل المذكور . الثاني : أنه حال من الضمير في " مثلهم " أي : مماثلين زرعا هذه صفته . الثالث : أنها نعت مصدر محذوف أي : تمثيلا كزرع ، ذكره . وليس بذاك . وقال أبو البقاء : " ويجوز أن يكون " ذلك " إشارة مبهمة أوضحت بقوله : " الزمخشري كزرع " كقوله : وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر " .
[ ص: 723 ] قوله : " أخرج شطأه " صفة لزرع . وقرأ ابن كثير وابن ذكوان بفتح الطاء ، والباقون بإسكانها ، وهما لغتان . وفي الحرف لغات أخرى قرئ بها في الشاذ : فقرأ أبو حيوة " شطاءه " بالمد ، " شطاه " بألف صريحة بعد الطاء ، فاحتملت أن تكون بدلا من الهمزة بعد نقل حركتها إلى الساكن قبلها على لغة من يقول : المراة والكماة بعد النقل ، وهو مقيس عند الكوفيين ، واحتمل أن يكون مقصورا من الممدود . وزيد بن علي وأبو جعفر في رواية " شطه " بالنقل والحذف وهو القياس . ونافع والجحدري " شطوه " أبدل الهمزة واوا ، إذ تكون لغة مستقلة . وهذه كلها لغات في فراخ الزرع . يقال : شطأ الزرع وأشطأ أي : أخرج فراخه . وهل يختص ذلك بالحنطة فقط ، أو بها وبالشعير فقط ، أو لا يختص ؟ خلاف مشهور قال :
4083 - أخرج الشطء على وجه الثرى ومن الأشجار أفنان الثمر
قوله : " فآزره " العامة على المد وهو على أفعل . وغلطوا من قال : إنه فاعل وغيره بأنه لم يسمع في مضارعه يؤازر بل يؤزر . وقرأ كمجاهد ابن ذكوان " فأزره " مقصورا جعله ثلاثيا . وقرئ " فأزره " بالتشديد والمعنى في الكل : قواه .
[ ص: 724 ] وقيل : ساواه . وأنشد :
4084 - بمحنية قد آزر الضال نبتها مجر جيوش غانمين وخيب
قوله : " على سوقه " متعلق بـ " استوى " ، ويجوز أن يكون حالا أي : كائنا على سوقه أي : قائما عليها . وقد تقدم في النمل أن قنبلا يقرأ " سؤقه " بالهمزة الساكنة كقوله :
4085 - أحب المؤقدين إلي موسى ... ... ... ...
وبهمزة مضمومة بعدها واو كقروح ، وتوجيه ذلك . والسوق : جمع ساق .
قوله : " يعجب الزراع " حال أي : معجبا ، وهنا تم المثل .
قوله : " ليغيظ " فيه أوجه ، أحدها : أنه متعلق بـ " وعد " ; لأن الكفار إذا سمعوا بعز المؤمنين في الدنيا وما أعد لهم في الآخرة غاظهم ذلك . الثاني : أن يتعلق بمحذوف دل عليه تشبيههم بالزرع في نمائهم وتقويتهم . قاله [ ص: 725 ] أي : شبههم الله بذلك ليغيظ . الثالث : أنه متعلق بما دل عليه قوله : الزمخشري أشداء على الكفار إلى آخره أي : جعلهم بهذه الصفات ليغيظ .
قوله : " منهم " " من " هذه للبيان لا للتبعيض ; لأن كلهم كذلك فهي كقوله : فاجتنبوا الرجس من الأوثان . وقال : " منهم أي : من الشطء الذي أخرجه الزرع ، وهم الداخلون في الإسلام إلى يوم القيامة " ، فأعاد الضمير على معنى الشطء ، لا على لفظه ، وهو معنى حسن . الطبري
[تمت بعون الله سورة