قوله : " نحسات " قرأ الكوفيون بكسر الحاء ، والباقون بسكونها . فأما الكسر فهو صفة على فعل ، وفعله فعل بكسر العين أيضا كفعله يقال : نحس فهو نحس كفرح فهو فرح ، وأشر فهو أشر . وأمال الليث عن وابن عامر ألفه لأجل الكسرة ، ولكنه غير مشهور عنه ، حتى نسبه الداني للوهم . الكسائي
وأما قراءة الإسكان فتحتمل ثلاثة أوجه ، أحدها : أن يكون مخففا من فعل في القراءة المتقدمة ، وفيه توافق القراءتين . والثاني : أنه مصدر وصف به كرجل عدل . إلا أن هذا يضعفه الجمع فإن الفصيح في المصدر الموصوف أن يوحد ، وكأن المسوغ للجمع اختلاف أنواعه في الأصل . والثالث : أنه صفة مستقلة على فعل بسكون العين . ولكن أهل التصريف لم يذكروا في الصفة الجائية من فعل بكسر العين ، إلا أوزانا محصورة ليس فيها فعل بالسكون فذكروا : فرح فهو فرح ، وحور فهو أحور ، وشبع فهو شبعان ، وسلم فهو سالم ، وبلي فهو بال .
وفي معنى " نحسات قولان " ، أحدهما : أنها من الشؤم . قال السدي : [ ص: 519 ] أي : مشائيم من النحس المعروف . والثاني : أنها شديدة البرد . وأنشدوا على المعنى الأول قول الشاعر :
3954 - يومين غيمين ويوما شمسا نجمين سعدين ونجما نحسا
وعلى المعنى الثاني قول الآخر :
3955 - كأن سلافة عرضت لنحس يحيل شفيفها الماء الزلالا
ومنه :
3956 - قد أغتدي قبل طلوع الشمس للصيد في يوم قليل النحس
وقيل : يريد به في هذا البيت الغبار أي : قليل الغبار ، وقد قيل بذلك في الآية أنها ذات غبار . و " نحسات " نعت لأيام ، والجمع بالألف والتاء مطرد في صفة ما لا يعقل كأيام معدودات . وقد تقدم تحقيقه في البقرة .
و " لنذيقهم " متعلق بـ " أرسلنا " . وقرئ " لتذيقهم " بالتاء من فوق .
[ ص: 520 ] وفي الضمير قولان ، أحدهما : أنه الريح أي : لتذيقهم الريح أو الأيام على سبيل المجاز . وعذاب الخزي من إضافة الموصوف لصفته ، ولذلك قال : ولعذاب الآخرة أخزى فإنه يقتضي المشاركة وزيادة . وإسناد الخزي إلى العذاب مجاز لأنه سببه .