آ. (36) قوله تعالى: وإن الله : قرأ والكوفيون: "وإن" بكسر "إن" على الاستئناف، ويؤيدها قراءة ابن عامر " إن الله" بالكسر دون واو. أبي:
[ ص: 600 ] وقرأ الباقون بفتحها، وفيها أوجه، أحدها: أنها على حذف حرف الجر متعلقا بما بعده، والتقدير: ولأن الله ربي وربكم فاعبدوه، كقوله تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا والمعنى لوحدانيته أطيعوه. وإليه ذهب تابعا الزمخشري للخليل وسيبويه.
الثاني: أنها عطف على "الصلاة" والتقدير: وأوصاني بالصلاة وبأن الله. وإليه ذهب ولم يذكر الفراء، غيره. ويؤيده ما في مصحف مكي "وبأن الله ربي" بإظهار الباء الجارة. وقد استبعد هذا القول لكثرة الفواصل بين المتعاطفين. وأما ظهور الباء في مصحف أبي: فلا يرجح هذا لأنها باء السببية، والمعنى: بسبب أن الله ربي وربكم فاعبدوه فهي كاللام. أبي
الثالث: أن تكون "أن" وما بعدها نسقا على "أمرا" المنصوب ب "قضى" والتقدير: وإذا قضى أمرا، وقضى أن الله ربي وربكم. ذكر ذلك عن أبو عبيدة بن العلاء. واستبعد الناس صحة هذا النقل عن أبي عمرو أبي عمرو; لأنه من الجلالة في العلم والمعرفة بمنزل يمنعه من هذا القول; وذلك لأنه إذا عطف على "أمرا" لزم أن يكون داخلا في حيز الشرط ب "إذا"، وكونه تبارك وتعالى ربنا لا يتقيد بشرط البتة، بل هو ربنا على [ ص: 601 ] الإطلاق. ونسبوا هذا الوهم لأنه كان ضعيفا في النحو، وعدوا له غلطات، ولعل ذلك منها. لأبي عبيدة
الرابع: أن يكون في محل رفع خبر ابتداء مضمر، تقديره: والأمر أن الله ربي وربكم. ذكر ذلك عن ولا حاجة إلى هذا الإضمار. الكسائي،
الخامس: أن يكون في محل نصب نسقا على "الكتاب" في قوله: "قال إني عبد الله آتاني الكتاب" على أن يكون المخاطب بذلك معاصري عيسى عليه السلام، والقائل لهم ذلك عيسى. وعن وهب: عهد إليهم عيسى أن الله ربي وربكم. قال هذا القائل: ومن كسر الهمزة يكون قد عطف " إن الله " على قوله: "إني عبد الله" فهو داخل في حيز القول. وتكون الجمل من قوله: ذلك عيسى ابن مريم إلى آخرها جمل اعتراض، وهذا من البعد بمكان.