و "من حيث" متعلق بأفيضوا، و "من" لابتداء الغاية، و "حيث" هنا على بابها من كونها ظرف زمان، وقال "هي هنا لزمان الإفاضة" وقد تقدم أن هذا قول القفال: وتقدم دليله، وكأن الأخفش، رام بذلك التغاير بين الإفاضتين ليقع الجواب عن مجيء "ثم" هنا، ولا يفيد ذلك لأن الزمان يستلزم مكان الفعل الواقع فيه. القفال
و "أفاض الناس" في محل جر بإضافة "حيث" إليها. والجمهور على رفع السين من "الناس". وقرأ "الناسي" وفيها تأويلان، [ ص: 336 ] أحدهما: أنه يراد به سعيد بن جبير: آدم عليه السلام، وأيدوه بقوله: "فنسي ولم نجد له عزما". والثاني: أن يراد به التارك للوقوف بمزدلفة، وهم جمع الناس، فيكون المراد بالناسي جنس الناسين. قال "ويجوز عند بعضهم حذف الياء، فيقول: "الناس كالقاض والهاد" قال: أما جوازه في العربية فذكره ابن عطية: وأما جوازه قراءة فلا أحفظه". قال الشيخ: لم يجز سيبويه، ذلك إلا في الشعر، وأجازه سيبويه في الكلام، وأما قوله: "لم أحفظه" قد حفظه غيره، حكاها الفراء المهدوي قراءة عن أيضا. سعيد بن جبير
قوله: "واستغفروا الله"" استغفر" يتعدى لاثنين أولهما بنفسه، والثاني بـ "من"، نحو: استغفرت الله من ذنبي، وقد يحذف حرف الجر كقوله:
890 - أستغفر الله ذنبا لست محصيه رب العباد إليه الوجه والعمل
هذا مذهب وجمهور الناس. وقال سيبويه ابن الطراوة: إنه يتعدى إليهما بنفسه أصالة، وإنما يتعدى بـ "من" لتضمنه معنى ما يتعدى بها، فعنده "استغفرت الله من كذا" بمعنى تبت إليه من كذا، ولم يجئ "استغفر" في القرآن متعديا إلا للأول فقط، فأما قوله تعالى: "واستغفر لذنبك"" واستغفري لذنبك"" فاستغفروا لذنوبهم" فالظاهر أن هذه اللام لام العلة [ ص: 337 ] لا لام التعدية، ومجرورها مفعول من أجله لا مفعول به. وأما "غفر" فذكر مفعوله في القرآن تارة: "ومن يغفر الذنوب إلا الله"، وحذف أخرى: "ويغفر لمن يشاء". والسين في "استغفر" للطلب على بابها. والمفعول الثاني هنا محذوف للعلم به، أي: من ذنوبكم التي فرطت منكم.