قوله: كفى بنفسك فيه ثلاثة أوجه، المشهور عند المعربين: أن "كفى" فعل ماض، والفاعل هو المجرور بالباء، وهي فيه مزيدة، ويدل عليه أنها إذا حذفت ارتفع، كقوله:
3038 - ويخبرني عن غائب المرء هديه كفى الهدي عما غيب المرء مخبرا
وقول الآخر: 3039 - ... ... ... ... كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
قوله: "حسيبا" فيه وجهان، أحدهما: أنه تمييز. قال : وهو بمعنى حاسب، كضريب القداح بمعنى ضاربها، وصريم بمعنى صارم، ذكرهما الزمخشري و "على" متعلقة به من قولك: حسب عليه كذا، ويجوز أن يكون بمعنى الكافي ووضع موضع الشهيد، فعدي ب "على" لأن الشاهد يكفي المدعي ما أهمه. فإن قلت: لم ذكر "حسيبا"؟ قلت: لأنه بمنزلة الشاهد والقاضي والأمين، وهذه الأمور يتولاها الرجال فكأنه قيل: كفى بنفسك رجلا حسيبا، ويجوز أن تتأول النفس بمعنى الشخص، كما يقال: ثلاثة أنفس. قلت: ومنه قول الشاعر: سيبويه،
3040 - ثلاثة أنفس وثلاث ذود لقد جار الزمان على عيالي