آ. (12) قوله تعالى: آيتين : يجوز أن يكون هو المفعول الأول، و الليل والنهار ظرفان في موضع الثاني قدما على الأول، والتقدير: وجعلنا آيتين في الليل والنهار، والمراد بالآيتين: إما الشمس والقمر، وإما تكوير هذا على هذا، وهذا على هذا، ويجوز أن يكون "آيتين" هو الثاني، و الليل والنهار هما الأول. ثم فيه احتمالان، أحدهما: أنه على حذف مضاف: إما من الأول، أي: نيري الليل والنهار، وهما القمر والشمس، وإما من الثاني، أي: ذوي آيتين. والثاني: أنه لا حذف، وأنهما علامتان في أنفسهما، لهما دلالة على شيء آخر. قال "فلذلك أضاف في موضع، ووصف في آخر"، يعني أنه أضاف الآية إليهما في قوله: أبو البقاء: آية الليل و آية النهار ووصفهما في موضع آخر بأنهما اثنان لقوله: "وجعلنا الليل والنهار آيتين". هذا كله إذا جعلنا الجعل تصييرا متعديا لاثنين، فإن جعلناه بمعنى "خلقنا" كان "آيتين" حالا، وتكون حالا مقدرة. [ ص: 322 ] واستشكل بعضهم أن يكون "جعل" بمعنى صير قال: "لأنه يستدعي أن يكون الليل والنهار موجودين على حالة، ثم انتقل عنها إلى أخرى".
قوله: "مبصرة" فيه أوجه، أحدها: أنه من الإسناد المجازي، لأن الإبصار فيها لأهلها، كقوله: وآتينا ثمود الناقة مبصرة لما كانت سببا للإبصار. وقيل: "مبصرة": مضيئة، وقيل: هي من باب أفعل، والمراد به غير من أسند الفعل إليه كقولهم: "أضعف الرجل"، أي: ضعفت ماشيته، و "أجبن" إذا كان أهله جبناء، فالمعنى أن أهلها بصراء.
وقرأ علي بن الحسين "مبصرة" بفتح الميم والصاد، وهو مصدر أقيم مقام الاسم، وكثر هذا في صفات الأمكنة نحو: "مذأبة". وقتادة:
قوله: وكل شيء فصلناه فيه وجهان، أحدهما: أنه منصوب على الاشتغال، ورجح نصبه لتقدم جملة فعلية. وكذلك: وكل إنسان ألزمناه . والثاني: -وهو بعيد- أنه منصوب نسقا على "الحساب"، أي: لتعلموا كل شيء أيضا، ويكون "فصلناه" على هذا صفة.
وقرئ: "في عنقه" وهو تخفيف شائع.