والثاني: أن "اثنين" مفعول أول، وإنما أخر، والأصل: لا تتخذوا اثنين إلهين، وفيه بعد.
وقال "هو مفعول ثان"، وهذا كالغلط إذ لا معنى لذلك البتة، وكلام أبو البقاء: هنا يفهم أنه ليس بتأكيد، فإنه قال: فإن قلت: إنما جمعوا بين العدد والمعدود فيما وراء الواحد والاثنين، فقالوا: عندي رجال ثلاثة وأفراس أربعة; لأن المعدود عار عن العدد الخاص، فأما رجل ورجلان وفرس وفرسان فمعدودان فيهما دلالة على العدد، فلا حاجة على أن يقال: رجل واحد، ورجلان اثنان، فما وجه قوله تعالى: الزمخشري إلهين اثنين ؟ قلت: الاسم الحامل لمعنى الإفراد أو التثنية دل على شيئين: على الجنسية والعدد المخصوص، فإذا أريدت الدلالة على أن المعني به منهما والذي يساق إليه الحديث هو العدد شفع بما يؤكد العدد، فدل به على القصد إليه والعناية به، ألا ترى أنك لو قلت: إله، ولم تؤكده بواحد لم يحسن، وخيل أنك تثبت الإلهية لا الوحدانية.
وقال الشيخ: "لما كان الاسم الموضوع للإفراد والتثنية قد يتجوز به فيراد به الجنس نحو: نعم الرجل زيد، ونعم الرجلان الزيدان، وقول [ ص: 236 ] الشاعر:
2977 - فإن النار بالعودين تذكى وإن الحرب أولها الكلام
أكد الموضوع لهما بالوصف فقيل: إلهين اثنين، وقيل: إله واحد".قوله: "فإياي" منصوب بفعل مضمر مقدر بعده، يفسره هذا الظاهر، أي: إياي ارهبوا فارهبون. وقدر "ارهبوا إياي فارهبون". قال الشيخ: "وهو ذهول عن القاعدة النحوية، وهي أن المفعول إذا كان ضميرا منفصلا والفعل متعد لواحد وجب تأخير الفعل نحو: ابن عطية إياك نعبد ولا يجوز أن يتقدم إلا في ضرورة كقوله:
2978 - إليك حتى بلغت إياكا
وهذا قد مر تقريره في أول البقرة. وقد يجاب عن بأنه لا يقبح في الأمور التقديرية ما يقبح في [الأمور] اللفظية. وفي قوله: ابن عطية: "فإياي" التفات من غيبة وهي قوله وقال الله إلى تكلم وهو قوله "فإياي" ثم التفت إلى الغيبة أيضا في قوله: وله ما في السماوات .