وقرأ : " أإنك أو أنت يوسف " ، وفيها وجهان ، أحدهما ما قاله أبي أبو الفتح : من أن الأصل أإنك لغير يوسف أو أنت يوسف ، فحذف خبر " إن " لدلالة المعنى عليه . الثاني ما قاله : وهو إنك الزمخشري يوسف أو أنت يوسف " فحذف الأول لدلالة الثاني عليه ، وهذا كلام متعجب مستغرب لما يسمع فهو يكرر الاستثبات " .
[ ص: 552 ] قوله : يتق قرأ " يتقي " بإثبات الياء وصلا ووقفا ، والباقون بحذفها فيهما . وأما قراءة الجماعة فواضحة لأنه مجزوم . وأما قراءة قنبل فاختلف فيها الناس على قولين ، أجودهما : أن إثبات حرف العلة في الحركة لغة لبعض قنبل العرب ، وأنشدوا على ذلك قول قيس ابن زهير :
2826 - ألم يأتيك والأنباء تنمي بما لاقت لبون بني زياد
وقول الآخر : 2827 - هجوت زبان ثم جئت معتذرا من هجو زبان لم تهجو ولم تدع
2828 - إذا العجوز غضبت فطلق ولا ترضاها ولا تملق
الثاني : أنه مرفوع غير مجزوم ، و " من " موصولة والفعل صلتها ، فلذلك لم يحذف لامه . واعترض على هذا بأنه قد عطف عليه مجزوم وهو قوله " ويصبر " فإن قنبلا لم يقرأه إلا ساكن الراء .
وأجيب عن ذلك بأن التسكين لتوالي الحركات . وإن كان من كلمتين كقراءة : ينصركم يأمركم . وأجيب أيضا بأنه جزم على التوهم ، يعني لما كانت " من " الموصولة تشبه " من " الشرطية . وهذه عبارة فيها غلط على القرآن فينبغي أن يقال : فيها مراعاة للشبه اللفظي ، ولا يقال للتوهم . وأجيب أيضا بأنه سكن للوقف ثم أجري الوصل مجرى الوقف . وأجيب أيضا بأنه إنما جزم حملا لـ " من " الموصولة على " من " الشرطية ؛ لأنها مثلها في المعنى ولذلك دخلت الفاء في خبرها . أبي عمرو
قلت : وقد يقال على هذا : يجوز أن تكون " من " شرطية ، وإنما ثبتت الياء ، ولم تجزم " من " لشببها بـ " من " الموصولة ، ثم لم يعتبر هذا الشبه في قوله " ويصبر " فلذلك جزمه إلا أنه يبعد من جهة أن العامل لم يؤثر فيما بعده ، ويليه ويؤثر فيما هو بعيد منه . وقد تقدم الكلام على مثل هذه المسألة أول السورة في قوله يرتع ويلعب .
وقوله فإن الله لا يضيع الرابط بين جملة الشرط وبين جوابها : [ ص: 554 ] إما العموم في " المحسنين " ، وإما الضمير المحذوف ، أي : المحسنين منهم ، وإما لقيام أل مقامه والأصل : محسنيهم ، قامت أل مقام ذلك الضمير .