آ . (36) قوله تعالى : قال أحدهما : مستأنف لا محل له ، ولا يجوز أن يكون حالا ؛ لأنهما لم يقولا ذلك حال الدخول . ولا جائز أن تكون مقدرة ؛ لأن الدخول لا يؤول إلى الرؤيا . و " إني " وما في حيزه في محل نصب بالقول .
و " أراني " هنا متعدية لمفعولين عند بعضهم إجراء للحلمية مجرى العلمية ، فتكون الجملة من قوله : " أعصر " في محل المفعول الثاني ، ومن منع كانت عنده في محل الحال . وجرت الحلمية مجرى العلمية أيضا في اتحاد فاعلها ومفعولها ضميرين متصلين ، ومنه الآية الكريمة ؛ فإن الفاعل والمفعول متحدان في المعنى ؛ إذ هما للمتكلم ، وهما ضميران متصلان . ومثله : " رأيتك في المنام قائما " و " زيد رآه قائما " ، ولا يجوز ذلك في غير ما ذكر ، لا تقول : أكرمتني ، ولا أكرمتك ، ولا زيد أكرمه ، فإن أردت ذلك قل : أكرمت نفسي ، أو إياي ونفسك ، أو إياك ونفسه ، أو إياه ، وقد تقدم تحقيق هذا .
وإذا دخلت همزة النقل على هذه الحلمية تعدت لثالث ، وقد تقدم هذا [ ص: 496 ] في قوله تعالى : إذ يريكهم الله في منامك قليلا ، ولو أراكهم كثيرا .
والخمر : العنب أطلق عليه ذلك مجازا ، لأنه آيل إليه كما يطلق الشيء على الشيء باعتبار ما كان عليه كقوله : وآتوا اليتامى ومجاز هذا أقرب : وقيل : بل الخمر : العنب حقيقة في لغة غسان وأزد عمان . وعن المعتمر : " لقيت أعرابيا حاملا عنبا في وعاء فقلت : ما تحمل ؟ فقال : خمرا .
وقراءة أبي " أعصر عنبا " لا تدل على الترادف لإرادتها التفسير لا التلاوة ، وهذا كما في مصحف وعبد الله " فوق رأسي ثريدا " فإنه أراد التفسير فقط . عبد الله
و " تأكل الطير " صفة لخبزا . و " فوق " يجوز أن يكون ظرفا للحمل ، وأن يتعلق بمحذوف حالا من " خبزا " لأنه في الأصل صفة له . والضمير في قوله : " نبئنا بتأويله " قال الشيخ : " عائد على ما قصا عليه ، أجري مجرى اسم الإشارة كأنه قيل بتأويل ذلك " وهذا قد سبقه إليه ، وجعله سؤالا وجوابا . وقال غيره : " إنما وحد الضمير لأن كل واحد سأل عن رؤياه ، فكأن كل واحد منهما قال : نبئنا بتأويل ما رأيت . الزمخشري