آ. (137) قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=28908_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137بمثل ما آمنتم به : في الباء أقوال، أحدها: أنها زائدة كهي في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195 "ولا تلقوا بأيديكم" وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=25 "وهزي إليك بجذع" وقوله:
747 -. . . . . . . سود المحاجر لا يقرأن بالسور
والثاني: أنها بمعنى "على، أي: فإن آمنوا على مثل إيمانكم بالله". والثالث: أنها للاستعانة كهي في "نجرت بالقدوم" و "كتبت بالقلم" والمعنى: فإن دخلوا في الإيمان بشهادة مثل شهادتكم، وعلى هذه الأوجه فيكون المؤمن به محذوفا، و "ما" مصدرية والضمير في "به" عائدا على الله تعالى، والتقدير: فإن آمنوا بالله إيمانا مثل إيمانكم به، و "مثل" هنا فيها قولان، أحدهما: أنها زائدة والتقدير: بما آمنتم به، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن [ ص: 141 ] عباس، وذكر
البيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: "لا تقولوا بمثل ما آمنتم [به] فإن الله ليس له مثل ولكن قولوا بالذين آمنتم به" وهذه تروى قراءة [عن] أبي، ونظيرها في الزيادة قول الشاعر:
748 - فصيروا مثل كعصف مأكول ... ... ...
وقال بعضهم: هذا من مجاز الكلام تقول: هذا أمر لا يفعله مثلك، أي لا تفعله أنت، والمعنى: فإن آمنوا بالذي آمنتم به، نقله
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية، وهو يؤول إلى إلغاء "مثل" وزيادتها، والثاني: أنها ليست بزائدة، والمثلية متعلقة بالاعتقاد، أي: فإن اعتقدوا بمثل اعتقادكم، أو متعلقة بالكتاب أي: فإن آمنوا بكتاب مثل الكتاب الذي آمنتم به، والمعنى: فإن آمنوا بالقرآن الذي هو مصدق لما في التوراة والإنجيل، وهذا التأويل ينفي زيادة الباء.
و "ما" قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137 "بمثل ما آمنتم" فيها وجهان، أحدهما: أنها بمعنى الذي والمراد بها حينئذ: إما الله تعالى بالتأويل المتقدم عند من يجيز وقوع "ما" على أولي العلم نحو:
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5 "والسماء وما بناها" وإما الكتاب المنزل. والثاني: أنها مصدرية وقد تقدم ذلك. والضمير في "به" فيه أيضا وجهان، أحدهما: أنه يعود على الله تعالى كما تقدم. والثاني: أن يعود على "ما" إذا قيل: إنها بمعنى الذي.
قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137 "فقد اهتدوا" جواب الشرط في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137 "فإن آمنوا"، وليس الجواب محذوفا، كهو في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=4 "وإن يكذبوك فقد كذبت رسل" لأن تكذيب الرسل
[ ص: 142 ] ماض محقق هناك فاحتجنا إلى تقدير جواب، وأما هنا فالهداية منهم لم تقع بعد فهي مستقبلة معنى وإن أبرزت في لفظ المضي.
قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137 "في شقاق" خبر لقوله: "هم" وجعل الشقاق ظرفا لهم وهم مظروفون له مبالغة في الإخبار باستعلائه عليهم، وهو أبلغ من قولك هم مشاقون، ومثله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=66 "إنا لنراك في سفاهة" ونحوه. والشقاق مصدر من شاقه يشاقه نحو: ضاربه ضرابا، ومعناه المخالفة والمعاداة، وفي اشتقاقه ثلاثة أقوال، أحدها: أنه من الشق وهو الجانب. وذلك أن أحد المشاقين يصير في شق صاحبه أي: جانبه، قال
امرؤ القيس: 749 - إذا ما بكى من خلفها انصرفت له بشق وشق عندنا لم يحول
أي: بجانب. الثاني: أنه من المشقة فإن كلا منهما يحرص على ما يشق على صاحبه. الثالث: أنه من قولهم: "شققت العصا بيني وبينك" وكانوا يفعلون ذلك عند تعاديهم، والفاء في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137 "فسيكفيكهم" تشعر بتعقيب الكفاية عقب شقاقهم. وجيء بالسين دون سوف لأنها أقرب منها زمانا بوضعها، ولا بد من حذف مضاف أي: فسيكفيك شقاقهم; لأن الذوات لا تكفى إنما تكفى أفعالها، والمكفي به هنا محذوف أي: بمن يهديه الله أو بتفريق كلمتهم.
آ. (137) قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=28908_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ : فِي الْبَاءِ أَقْوَالٌ، أَحَدُهَا: أَنَّهَا زَائِدَةٌ كَهِيَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195 "وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ" وَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=25 "وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ" وَقَوْلِهِ:
747 -. . . . . . . سُودُ الْمَحَاجِرِ لَا يَقْرَأْنَ بِالسُّوَرِ
وَالثَّانِي: أَنَّهَا بِمَعْنَى "عَلَى، أَيْ: فَإِنْ آمَنُوا عَلَى مِثْلِ إِيمَانِكُمْ بِاللَّهِ". وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا لِلِاسْتِعَانَةِ كَهِيَ فِي "نَجَرْتُ بِالْقَدُومِ" وَ "كَتَبْتُ بِالْقَلَمِ" وَالْمَعْنَى: فَإِنْ دَخَلُوا فِي الْإِيمَانِ بِشَهَادَةٍ مِثْلِ شَهَادَتِكُمْ، وَعَلَى هَذِهِ الْأَوْجُهِ فَيَكُونُ الْمُؤْمَنُ بِهِ مَحْذُوفًا، وَ "مَا" مَصْدَرِيَّةً وَالضَّمِيرُ فِي "بِهِ" عَائِدًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّقْدِيرُ: فَإِنْ آمَنُوا بِاللَّهِ إِيمَانًا مِثْلَ إِيمَانِكُمْ بِهِ، وَ "مِثْلُ" هُنَا فِيهَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا زَائِدَةٌ وَالتَّقْدِيرُ: بِمَا آمَنْتُمْ بِهِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ [ ص: 141 ] عَبَّاسٍ، وَذَكَرَ
الْبَيْهَقِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ: "لَا تَقُولُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ [بِهِ] فَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ وَلَكِنْ قُولُوا بِالَّذِينَ آمَنْتُمْ بِهِ" وَهَذِهِ تُرْوَى قِرَاءَةً [عَنْ] أُبَيٍّ، وَنَظِيرُهَا فِي الزِّيَادَةِ قَوَلُ الشَّاعِرِ:
748 - فَصُيِّرُوا مِثْلَ كَعَصْفٍ مَأْكُولْ ... ... ...
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا مِنْ مَجَازِ الْكَلَامِ تَقُولُ: هَذَا أَمْرٌ لَا يَفْعَلُهُ مَثَلُكَ، أَيْ لَا تَفْعَلُهُ أَنْتَ، وَالْمَعْنَى: فَإِنْ آمَنُوا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ، نَقَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنُ عَطِيَّةَ، وَهُوَ يَؤُولُ إِلَى إِلْغَاءِ "مِثْلٍ" وَزِيَادَتِهَا، وَالثَّانِي: أَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ، وَالْمِثْلِيَّةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالِاعْتِقَادِ، أَيْ: فَإِنِ اعْتَقَدُوا بِمِثْلِ اعْتِقَادِكُمْ، أَوْ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْكِتَابِ أَيْ: فَإِنْ آمَنُوا بِكِتَابٍ مِثْلِ الْكِتَابِ الَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ، وَالْمَعْنَى: فَإِنْ آمَنُوا بِالْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ مُصَدِّقٌ لِمَا فِي التَّوَرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ يَنْفِي زِيَادَةَ الْبَاءِ.
وَ "مَا" قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137 "بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ" فِيهَا وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا بِمَعْنَى الَّذِي وَالْمُرَادُ بِهَا حِينَئِذٍ: إِمَّا اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّأْوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ وَقُوعَ "مَا" عَلَى أُولِي الْعِلْمِ نَحْوُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5 "وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا" وَإِمَّا الْكِتَابُ الْمُنَزَّلُ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا مَصْدَرِيَّةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ. وَالضَّمِيرُ فِي "بِهِ" فِيهِ أَيْضًا وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَعُودُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا تَقَدَّمَ. وَالثَّانِي: أَنْ يَعُودَ عَلَى "مَا" إِذَا قِيلَ: إِنَّهَا بِمَعْنَى الَّذِي.
قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137 "فَقَدِ اهْتَدَوْا" جَوَابُ الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137 "فَإِنْ آمَنُوا"، وَلَيْسَ الْجَوَابُ مَحْذُوفًا، كَهُوَ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=4 "وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ" لِأَنَّ تَكْذِيبَ الرُّسُلِ
[ ص: 142 ] مَاضٍ مُحَقَّقٌ هُنَاكَ فَاحْتَجْنَا إِلَى تَقْدِيرِ جَوَابٍ، وَأَمَّا هُنَا فَالْهِدَايَةُ مِنْهُمْ لَمْ تَقَعْ بَعْدُ فَهِيَ مُسْتَقْبَلَةٌ مَعْنًى وَإِنْ أُبْرِزَتْ فِي لَفْظِ الْمُضِيِّ.
قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137 "فِي شِقَاقٍ" خَبَرٌ لِقَوْلِهِ: "هُمْ" وَجَعَلَ الشِّقَاقَ ظَرْفًا لَهُمْ وَهُمْ مَظْرُوفُونَ لَهُ مُبَالَغَةً فِي الْإِخْبَارِ بِاسْتِعْلَائِهِ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ قَوَلِكَ هُمْ مُشَاقُّونَ، وَمِثْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=66 "إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ" وَنَحْوُهُ. وَالشِّقَاقُ مَصْدَرٌ مَنْ شَاقَّهُ يُشَاقُّهُ نَحْوُ: ضَارَبُهُ ضِرَابًا، وَمَعْنَاهُ الْمُخَالَفَةُ وَالْمُعَادَاةُ، وَفِي اشْتِقَاقِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ مِنَ الشِّقِّ وَهُوَ الْجَانِبُ. وَذَلِكَ أَنَّ أَحَدَ الْمُشَاقِّينَ يَصِيرُ فِي شِقِّ صَاحِبِهِ أَيْ: جَانِبِهِ، قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ: 749 - إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ بِشِقٍّ وَشِقٌّ عِنْدَنَا لَمْ يُحَوَّلِ
أَيْ: بِجَانِبٍ. الثَّانِي: أَنَّهُ مِنَ الْمَشَقَّةِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْرِصُ عَلَى مَا يَشُقُّ عَلَى صَاحِبِهِ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ: "شَقَقْتُ الْعَصَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ" وَكَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ عِنْدَ تَعَادِيهِمْ، وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137 "فَسَيَكْفِيكَهُمُ" تُشْعِرُ بِتَعْقِيبِ الْكِفَايَةِ عَقِبَ شِقَاقِهِمْ. وَجِيءَ بِالسِّينِ دُونَ سَوَفَ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْهَا زَمَانًا بِوَضْعِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: فَسَيَكْفِيكَ شِقَاقَهُمْ; لِأَنَّ الذَّوَاتِ لَا تُكْفَى إِنَّمَا تُكْفَى أَفْعَالُهَا، وَالْمَكْفِيُّ بِهِ هُنَا مَحْذُوفٌ أَيْ: بِمَنْ يَهْدِيهِ اللَّهُ أَوْ بِتَفْرِيقِ كَلِمَتِهِمْ.