ولما تمت هذه الأقسام مشتملة على أمور عظام منبهة على أن أسبابها من الرياح والمياه كانت مع الناس وهم لا يشعرون بها كما أنه يجوز أن تكون القيامة كذلك سواء بسواء، [قال -] ذاكرا للمقسم عليه مؤكدا لأجل إنكارهم: إنما أي الذي توعدون [أي -] من العذاب في الدنيا والآخرة، ومن قيام الساعة ومن البشائر لأهل الطاعة، وبناه للمفعول لأنه المرهوب لا كونه من معين مع أنه معروف أنه مما توعد به الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم لواقع أي كائن لا بد من وقوعه وأسبابه عتيدة عندكم وإن كنتم لا ترونها كما في هذه الأشياء التي أقسم بها وما تأثر عنها.
[ ص: 168 ] وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : أقسم تعالى بالملائكة المتتابعين في الإرسال، والرياح المسخرة، وولايته بالمطر والملائكة الفارقة بمائه بين الحق والباطل، والملقيات الذكر بالوحي إلى الأنبياء إعذارا من الله وإنذارا، أقسم تعالى بما ذكر من مخلوقاته على صدق الموعود به في قوله: إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا الآيات وقوله: إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا وقوله: وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا الآيات إلى وكان سعيكم مشكورا وقوله: ويذرون وراءهم يوما ثقيلا وقوله: يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ولو لم يتقدم إلا هذا الوعد والوعيد المختتم به السورة لطابقه افتتاح الأخرى قسما عليه أشد المطابقة، فكيف وسورة هل أتى على الإنسان مواعد أخراوية وإخبارات جزائية، فأقسم سبحانه وتعالى على صحة الوقوع، وهو المتعالي الحق وكلامه الصدق - انتهى.