ولما ختم آيتي الإيلاء بالطلاق بين عدته فقال: -
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : لما ذكر تربص الزوج - سبحانه وتعالى في أمر الطلاق الذي هو أمانته ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=12435تربص المرأة في أمر العدة التي هي أمانتها; انتهى - فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=12389_12435_17941_27326_28723_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228والمطلقات أي المدخول بهن بما أفهمه الإيلاء من أن الكلام فيهن غير الحوامل لأن عدتهن بالولادة وغير ذوات الأشهر لصغر
[ ص: 295 ] أو كبر.
ولما أريد التأكيد لأمرهن بالعدة سبق بعد تأكيده ببنائه على المبتدأ في صيغة الخبر الذي من شأنه أن يكون قد وجد وانقضى إيماء إلى المسارعة إلى امتثاله فقيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228يتربصن أي ينتظرن اعتدادا.
ولما كانت النفس داعية إلى الشهوات لا سيما أنفس النساء إلى الرجال وكان التربص عاما في النفس بالعقد لزوج آخر وفي التعرض له باكتحال وتزين وتعريض بكلام مع البينونة وبغير ذلك خص الأول معبرا لها بالنفس هزا إلى الاحتياط في كمال التربص والاستحياء مما يوهم الاستعجال فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228بأنفسهن فلا يطمعنها في مواصلة رجل قبل انقضاء العدة.
ولما كان القرء مشتركا بين الطهر والحيض وكان الأقراء مشتركا بين جمع كل منهما وكان الطهر مختصا عند جمع من أهل اللغة بأن يجمع على قروء كان مذكرا يؤنث عدده وكانت الحيضة مؤنثة يذكر
[ ص: 296 ] عددها دل على أن المراد الإظهار بما يخصه من الجمع وبتأنيث عدده فقال ذاكرا ظرف التربص:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228ثلاثة قروء أي جموع من الدم وسيأتي في أول سورة الحجر أن هذه المادة بأي ترتيب كان تدور على الجمع وأن المراد بالقروء الأطهار لأنها زمن جمع الدم حقيقة، وأما زمن الحيض فإنما يسمى بذلك لأنه سبب تحقق الجمع، والمشهور من كلام أهل اللغة أن جمع القرء بمعنى الطهر أقراء وقروء، وأن جمعه إذا أطلق على الحيض أقراء فقط; وذلك لأن المادة لما كانت للجمع كانت أيام الطهر هي المتحققة بذلك وكان جمع الكثرة أعرف
[ ص: 297 ] في الجمع كان بالطهر أولى.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : قروء جمع قرء وهو الحد الفاصل بين الطهر والحيض الذي يقبل الإضافة إلى كل واحد منهما، ولذلك ما تعارضت في تفسير لغته تفاسير اللغويين واختلف في معناه أقوال العلماء لخفاء معناه بما هو حد بين الحالين كالحد الفاصل بين الظل والشمس فالقروء الحدود، وذلك حين تطلق المرأة لقبل عدتها في طهر لم تمس فيه ليطلقها على ظهور براءة من علقتهما لئلا يطلق ما لم تنطلق عنه، فإذا انتهى الطهر وابتدأ الحيض كان ما بينهما قرءا لأن القرء استكمال جمع الحيض حين يتعفن فما لم ينته إلى الخروج لم يتم قرءا، فإذا طهرت الطهر الثاني وانتهى إلى الحيض كانا قرءين، فإذا طهرت الطهر الثالث وانتهى إلى الحيض شاهد كمال القرء كان ثلاثة أقراء، فلذلك يعرب معناه عن حل المرأة عند رؤيتها الدم من الحيضة الثالثة لتمام عدة الأقراء الثلاثة، فيوافق معنى من يفسر القرء بالطهر ويكون أقرب من تفسيره بالحيض فأمد الطهر ظاهرا هو أمد الاستقراء للدم باطنا فيبعد تفسيره بالحيض عما هو تحقيقه من معنى الحد بعدا ما - انتهى.
[ ص: 298 ] ولما كان النكاح أشهى ما إلى الحيوان وكان حبك للشيء يعمي ويصم وكان النساء أرغب في ذلك مع ما بهن من النقص في العقل والدين فكان ذلك ربما حملهن على كتم ولد لإرادة زوج آخر تقصيرا للعدة وإلحاقا للولد به، أو حيض لرغبة في رجعة المطلق قال سبحانه وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228ولا يحل لهن أي المطلقات
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228أن يكتمن ما خلق الله أي الذي له الأمر كله من ولد أو دم
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228في أرحامهن جمع رحم.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : وهو ما يشتمل على الولد من أعضاء التناسل يكون فيه تخلقه من كونه نطفة إلى كونه خلقا آخر - انتهى. وليس فيه دليل على أن الحمل يعلم، إنما تعلم أماراته.
ولما كان معنى هذا الإخبار النهي ليكون نافيا للحل بلفظه مثبتا للحرمة بمعناه تأكيدا له فكان التقدير: ولا يكتمن، قال مرغبا
[ ص: 299 ] في الامتثال مرهبا من ضده:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228إن كن يؤمن بالله أي الذي له جميع العظمة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228واليوم الآخر الذي تظهر فيه عظمته أتم ظهور ويدين فيه العباد بما فعلوا، أي فإن كتمن شيئا من ذلك دل على عدم الإيمان.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : ففي إشعاره إثبات نوع نفاق على الكاتمة ما في رحمها; انتهى - وفيه تصرف.
ولما كان الرجعي أخف الطلاق بين الرجعة تنبيها على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=11733إن كان ولا بد من الطلاق فليكن رجعيا فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وبعولتهن أي أزواجهن، جمع بعل.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : وهو الرجل المتهيئ لنكاح الأنثى المتأتي له ذلك، يقال على الزوج والسيد - انتهى. ولما كان
[ ص: 300 ] للمطلقة حق في نفسها قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228أحق بردهن أي إلى ما كان لهم عليهن من العصمة لإبطال التربص فله حرمة الاستمتاع من المطلقات بإرادة السراح
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228في ذلك أي في أيام الأقراء فإذا انقضت صارت أحق بنفسها منه بها لانقضاء حقه والكلام في الرجعية بدليل الآية التي بعدها.
ولما أثبت الحق لهم، وكان منهم من يقصد الضرر قيده بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228إن أرادوا أي بالرجعة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228إصلاحا وهذا تنبيه على أنه إن لم يرد الإصلاح وأرادت هي السراح كان في باطن الأمر زانيا.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : الإصلاح لخلل ما بينهما أحق في علم الله وحكمته من افتتاح وصلة ثانية لأن تذكر الماضي يخل بالحاضر، مما حذر النبي صلى الله عليه وسلم نكاح اللفوت وهي التي لها ولد من زوج سابق، فلذلك كان الأحق إصلاح الأول دون استفتاح وصلة لثان - انتهى.
[ ص: 301 ] ولما أخرج أمر الرجعة عنهن جبرهن بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228ولهن أي من الحقوق
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228مثل الذي عليهن أي في كونه حسنة في نفسه على ما يليق بملك منهما لا في النوع، فكما للرجال الرجعة قهرا فلهن العشرة بالجميل، وكما لهم حبسهن فلهن ما يزيل الوحشة بمن يؤنس ونحو ذلك. ولما كان كل منهما قد يجور على صاحبه قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228بالمعروف أي من حال كل منهما.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : والمعروف ما أقره الشرع وقبله العقل ووافقه كرم الطبع - انتهى.
ولما ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=11785الرجعة له بصيغة الأحق وبين الحق من الجانبين بين فضل الرجال بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وللرجال أعم من أن يكونوا بعولة
[ ص: 302 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228عليهن أي أزواجهم
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228درجة أي فضل من جهات لا يخفى كالإنفاق والمهر لأن الدرجة المرقى إلى العلو.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : لما أوثروا به من رصانة العقل وتمام الدين - انتهى. فالرجل يزيد على المرأة بدرجة من ثلاث لأن كل امرأتين بمنزلة رجل.
ولما أعز سبحانه وتعالى الرجل وصف نفسه بالعزة مبتدئا بالاسم الأعظم الدال على كل كمال فقال عطفا على ما تقديره: لأن الله أعزهم عليهن بحكمته:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228والله أي الذي له كمال العظمة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228عزيز إشارة إلى أنه أعز بل لا عزيز إلا هو ليخشى كل من أعاره ثوب عزة سطوته، وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228حكيم تنبيها على أنه ما فعل ذلك إلا لحكمة
[ ص: 303 ] بالغة تسلية للنساء وإن ما أوجده بعزته وأتقنه بحكمته لا يمكن نقضه.
وَلَمَّا خَتَمَ آيَتَيِ الْإِيلَاءِ بِالطَّلَاقِ بَيَّنَ عِدَّتِهِ فَقَالَ: -
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : لَمَّا ذَكَرَ تَرَبُّصَ الزَّوْجِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَمْرِ الطَّلَاقِ الَّذِي هُوَ أَمَانَتُهُ ذَكَرَ
nindex.php?page=treesubj&link=12435تَرَبُّصَ الْمَرْأَةِ فِي أَمْرِ الْعِدَّةِ الَّتِي هِيَ أَمَانَتُهَا; انْتَهَى - فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=12389_12435_17941_27326_28723_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَالْمُطَلَّقَاتُ أَيِ الْمَدْخُولُ بِهِنَّ بِمَا أَفْهَمُهُ الْإِيلَاءُ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ فِيهِنَّ غَيْرُ الْحَوَامِلِ لِأَنَّ عِدَّتَهُنَّ بِالْوِلَادَةِ وَغَيْرَ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ لِصِغَرٍ
[ ص: 295 ] أَوْ كِبَرٍ.
وَلَمَّا أُرِيدَ التَّأْكِيدُ لِأَمْرِهِنَّ بِالْعِدَّةِ سَبَقَ بَعْدَ تَأْكِيدِهِ بِبِنَائِهِ عَلَى الْمُبْتَدَأِ فِي صِيغَةِ الْخَبَرِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ قَدْ وُجِدَ وَانْقَضَى إِيمَاءً إِلَى الْمُسَارَعَةِ إِلَى امْتِثَالِهِ فَقِيلَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228يَتَرَبَّصْنَ أَيْ يَنْتَظِرْنَ اعْتِدَادًا.
وَلَمَّا كَانَتِ النَّفْسُ دَاعِيَةً إِلَى الشَّهَوَاتِ لَا سِيَّمَا أَنْفُسَ النِّسَاءِ إِلَى الرِّجَالِ وَكَانَ التَّرَبُّصُ عَامًّا فِي النَّفْسِ بِالْعَقْدِ لِزَوْجٍ آخَرَ وَفِي التَّعَرُّضِ لَهُ بِاكْتِحَالٍ وَتَزَيُّنٍ وَتَعْرِيضٍ بِكَلَامٍ مَعَ الْبَيْنُونَةِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ خَصَّ الْأَوَّلَ مُعَبِّرًا لَهَا بِالنَّفْسِ هَزًّا إِلَى الِاحْتِيَاطِ فِي كَمَالِ التَّرَبُّصِ وَالِاسْتِحْيَاءِ مِمَّا يُوهِمُ الِاسْتِعْجَالَ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228بِأَنْفُسِهِنَّ فَلَا يُطْمِعُنَّهَا فِي مُوَاصَلَةِ رَجُلٍ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
وَلَمَّا كَانَ الْقُرْءُ مُشْتَرِكًا بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ وَكَانَ الْأَقْرَاءُ مُشْتَرِكًا بَيْنَ جَمْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَانَ الطُّهْرُ مُخْتَصًّا عِنْدَ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ بِأَنْ يُجْمَعَ عَلَى قُرُوءٍ كَانَ مُذَكَّرًا يُؤَنَّثُ عَدَدُهُ وَكَانَتِ الْحَيْضَةُ مُؤَنَّثَةً يُذَكَّرُ
[ ص: 296 ] عَدَدُهَا دُلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْإِظْهَارُ بِمَا يَخُصُّهُ مِنَ الْجَمْعِ وَبِتَأْنِيثِ عَدَدِهِ فَقَالَ ذَاكِرًا ظَرْفَ التَّرَبُّصِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228ثَلاثَةَ قُرُوءٍ أَيْ جُمُوعٍ مِنَ الدَّمِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْحِجْرِ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ بِأَيِّ تَرْتِيبٍ كَانَ تَدُورُ عَلَى الْجَمْعِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرُوءِ الْأَطْهَارُ لِأَنَّهَا زَمَنُ جَمْعِ الدَّمِ حَقِيقَةً، وَأَمَّا زَمَنُ الْحَيْضِ فَإِنَّمَا يُسَمَّى بِذَلِكَ لِأَنَّهُ سَبَبُ تَحَقُّقِ الْجَمْعِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ جَمْعَ الْقُرْءِ بِمَعْنَى الطُّهْرِ أَقْرَاءٌ وَقُرُوءٌ، وَأَنَّ جَمْعَهُ إِذَا أُطْلِقَ عَلَى الْحَيْضِ أَقْرَاءٌ فَقَطْ; وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَادَّةَ لَمَّا كَانَتْ لِلْجَمْعِ كَانَتْ أَيَّامُ الطُّهْرِ هِيَ الْمُتَحَقِّقَةَ بِذَلِكَ وَكَانَ جَمْعُ الْكَثْرَةِ أَعْرَفَ
[ ص: 297 ] فِي الْجَمْعِ كَانَ بِالطُّهْرِ أَوْلَى.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : قُرُوءٌ جَمْعُ قُرْءٍ وَهُوَ الْحَدُّ الْفَاصِلُ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ الَّذِي يَقْبَلُ الْإِضَافَةَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلِذَلِكَ مَا تَعَارَضَتْ فِي تَفْسِيرِ لُغَتِهِ تَفَاسِيرُ اللُّغَوِيِّينَ وَاخْتَلَفَ فِي مَعْنَاهُ أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ لِخَفَاءِ مَعْنَاهُ بِمَا هُوَ حَدٌّ بَيْنِ الْحَالَيْنِ كَالْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ فَالْقُرُوءُ الْحُدُودُ، وَذَلِكَ حِينَ تُطَلَّقُ الْمَرْأَةُ لِقَبْلِ عِدَّتِهَا فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ لِيُطَلِّقَهَا عَلَى ظُهُورِ بَرَاءَةٍ مِنْ عَلَقَتِهِمَا لِئَلَّا يُطَلِّقَ مَا لَمْ تَنْطَلِقْ عَنْهُ، فَإِذَا انْتَهَى الطُّهْرُ وَابْتَدَأَ الْحَيْضُ كَانَ مَا بَيْنَهُمَا قُرْءًا لِأَنَّ الْقُرْءَ اسْتِكْمَالُ جَمْعِ الْحَيْضِ حِينَ يَتَعَفَّنُ فَمَا لَمْ يَنْتَهِ إِلَى الْخُرُوجِ لَمْ يَتِمَّ قُرْءًا، فَإِذَا طَهُرَتِ الطُّهْرَ الثَّانِيَ وَانْتَهَى إِلَى الْحَيْضِ كَانَا قُرْءَيْنِ، فَإِذَا طَهُرَتِ الطُّهْرَ الثَّالِثَ وَانْتَهَى إِلَى الْحَيْضِ شَاهِدُ كَمَالِ الْقُرْءِ كَانَ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ، فَلِذَلِكَ يُعْرِبُ مَعْنَاهُ عَنْ حِلِّ الْمَرْأَةِ عِنْدَ رُؤْيَتِهَا الدَّمَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ لِتَمَامِ عِدَّةِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ، فَيُوَافِقُ مَعْنَى مَنْ يُفَسِّرُ الْقُرْءَ بِالطُّهْرِ وَيَكُونُ أَقْرَبَ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِالْحَيْضِ فَأَمَدُ الطُّهْرِ ظَاهِرًا هُوَ أَمَدُ الِاسْتِقْرَاءِ لِلدَّمِ بَاطِنًا فَيَبْعُدُ تَفْسِيرُهُ بِالْحَيْضِ عَمَّا هُوَ تَحْقِيقُهُ مِنْ مَعْنَى الْحَدِّ بُعْدًا مَا - انْتَهَى.
[ ص: 298 ] وَلَمَّا كَانَ النِّكَاحُ أَشْهَى مَا إِلَى الْحَيَوَانِ وَكَانَ حُبُّكَ لِلشَّيْءِ يُعْمِي وَيُصِمُّ وَكَانَ النِّسَاءُ أَرْغَبَ فِي ذَلِكَ مَعَ مَا بِهِنَّ مِنَ النَّقْصِ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ فَكَانَ ذَلِكَ رُبَّمَا حَمَلَهُنَّ عَلَى كَتْمِ وَلَدٍ لِإِرَادَةِ زَوْجٍ آخَرَ تَقْصِيرًا لِلْعِدَّةِ وَإِلْحَاقًا لِلْوَلَدِ بِهِ، أَوْ حَيْضٍ لِرَغْبَةٍ فِي رَجْعَةِ الْمُطَلِّقِ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَيِ الْمُطَلَّقَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ أَيِ الَّذِي لَهُ الْأَمْرُ كُلُّهُ مِنْ وَلَدٍ أَوْ دَمٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228فِي أَرْحَامِهِنَّ جَمْعُ رَحِمٍ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : وَهُوَ مَا يَشْتَمِلُ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ أَعْضَاءِ التَّنَاسُلِ يَكُونُ فِيهِ تَخَلُّقُهُ مِنْ كَوْنِهِ نُطْفَةً إِلَى كَوْنِهِ خَلْقًا آخَرَ - انْتَهَى. وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ، إِنَّمَا تُعْلَمُ أَمَارَاتُهُ.
وَلَمَّا كَانَ مَعْنَى هَذَا الْإِخْبَارِ النَّهْيَ لِيَكُونَ نَافِيًا لِلْحِلِّ بِلَفْظِهِ مُثْبِتًا لِلْحُرْمَةِ بِمَعْنَاهُ تَأْكِيدًا لَهُ فَكَانَ التَّقْدِيرُ: وَلَا يَكْتُمْنَ، قَالَ مُرَغِّبًا
[ ص: 299 ] فِي الِامْتِثَالِ مُرَهِّبًا مِنْ ضِدِّهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ أَيِ الَّذِي لَهُ جَمِيعُ الْعَظَمَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَالْيَوْمِ الآخِرِ الَّذِي تَظْهَرُ فِيهِ عَظَمَتُهُ أَتَمَّ ظُهُورٍ وَيَدِينُ فِيهِ الْعِبَادُ بِمَا فَعَلُوا، أَيْ فَإِنْ كَتَمْنَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى عَدَمِ الْإِيمَانِ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : فَفِي إِشْعَارِهِ إِثْبَاتُ نَوْعِ نِفَاقٍ عَلَى الْكَاتِمَةِ مَا فِي رَحِمِهَا; انْتَهَى - وَفِيهِ تَصَرُّفٌ.
وَلَمَّا كَانَ الرَّجْعِيُّ أَخَفَّ الطَّلَاقِ بَيَّنَ الرَّجْعَةَ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=11733إِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ مِنَ الطَّلَاقِ فَلْيَكُنْ رَجْعِيًّا فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَبُعُولَتُهُنَّ أَيْ أَزْوَاجُهُنَّ، جَمْعُ بَعْلٍ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : وَهُوَ الرَّجُلُ الْمُتَهَيِّئُ لِنِكَاحِ الْأُنْثَى الْمُتَأَتِّي لَهُ ذَلِكَ، يُقَالُ عَلَى الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ - انْتَهَى. وَلَمَّا كَانَ
[ ص: 300 ] لِلْمُطَلَّقَةِ حَقٌّ فِي نَفْسِهَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ أَيْ إِلَى مَا كَانَ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنَ الْعِصْمَةِ لِإِبْطَالِ التَّرَبُّصِ فَلَهُ حُرْمَةُ الِاسْتِمْتَاعِ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ بِإِرَادَةِ السَّرَاحِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228فِي ذَلِكَ أَيْ فِي أَيَّامِ الْأَقْرَاءِ فَإِذَا انْقَضَتْ صَارَتْ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا مِنْهُ بِهَا لِانْقِضَاءِ حَقِّهِ وَالْكَلَامُ فِي الرَّجْعِيَّةِ بِدَلِيلِ الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا.
وَلِمَا أُثْبِتُ الْحَقُّ لَهُمْ، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَقْصِدُ الضَّرَرَ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228إِنْ أَرَادُوا أَيْ بِالرَّجْعَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228إِصْلاحًا وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَرُدِ الْإِصْلَاحَ وَأَرَادَتْ هِيَ السَّرَاحَ كَانَ فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ زَانِيًا.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : الْإِصْلَاحُ لِخَلَلٍ مَا بَيْنَهُمَا أَحَقُّ فِي عِلْمِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ مِنِ افْتِتَاحِ وَصْلَةٍ ثَانِيَةٍ لِأَنَّ تَذَكُّرَ الْمَاضِي يُخِلُّ بِالْحَاضِرِ، مِمَّا حَذَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِكَاحُ اللَّفُوتِ وَهِيَ الَّتِي لَهَا وَلَدٌ مِنْ زَوْجِ سَابِقٍ، فَلِذَلِكَ كَانَ الْأَحَقُّ إِصْلَاحَ الْأَوَّلِ دُونَ اسْتِفْتَاحِ وَصْلَةٍ لِثَانٍ - انْتَهَى.
[ ص: 301 ] وَلَمَّا أَخْرَجَ أَمْرَ الرَّجْعَةِ عَنْهُنَّ جَبَرَهُنَّ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَلَهُنَّ أَيْ مِنَ الْحُقُوقِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ أَيْ فِي كَوْنِهِ حَسَنَةً فِي نَفْسِهِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِمِلْكٍ مِنْهُمَا لَا فِي النَّوْعِ، فَكَمَا لِلرِّجَالِ الرَّجْعَةُ قَهْرًا فَلَهُنَّ الْعِشْرَةُ بِالْجَمِيلِ، وَكَمَا لَهُمْ حَبْسُهُنَّ فَلَهُنَّ مَا يُزِيلُ الْوَحْشَةَ بِمَنْ يُؤْنِسُ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَلَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ يَجُورُ عَلَى صَاحِبِهِ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228بِالْمَعْرُوفِ أَيْ مِنْ حَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : وَالْمَعْرُوفُ مَا أَقَرَّهُ الشَّرْعُ وَقَبِلَهُ الْعَقْلُ وَوَافَقَهُ كَرَمُ الطَّبْعِ - انْتَهَى.
وَلِمَا ذَكَرَ
nindex.php?page=treesubj&link=11785الرَّجْعَةَ لَهُ بِصِيغَةِ الْأَحَقِّ وَبَيَّنَ الْحَقَّ مِنَ الْجَانِبَيْنِ بَيَّنَ فَضْلَ الرِّجَالِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَلِلرِّجَالِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونُوا بُعُولَةً
[ ص: 302 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228عَلَيْهِنَّ أَيْ أَزْوَاجَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228دَرَجَةٌ أَيْ فَضْلٌ مِنْ جِهَاتٍ لَا يَخْفَى كَالْإِنْفَاقِ وَالْمَهْرِ لِأَنَّ الدَّرَجَةَ الْمُرَقَّى إِلَى الْعُلُوِّ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : لِمَا أُوثِرُوا بِهِ مِنْ رَصَانَةِ الْعَقْلِ وَتَمَامِ الدِّينِ - انْتَهَى. فَالرَّجُلُ يَزِيدُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِدَرَجَةٍ مِنْ ثَلَاثٍ لِأَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ.
وَلَمَّا أَعَزَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الرَّجُلَ وَصَفَ نَفْسَهُ بِالْعِزَّةِ مُبْتِدَئًا بِالِاسْمِ الْأَعْظَمِ الدَّالِّ عَلَى كُلِّ كَمَالٍ فَقَالَ عَطْفًا عَلَى مَا تَقْدِيرُهُ: لِأَنَّ اللَّهَ أَعَزَّهُمْ عَلَيْهِنَّ بِحِكْمَتِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَاللَّهُ أَيِ الَّذِي لَهُ كَمَالُ الْعَظَمَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228عَزِيزٌ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ أَعَزُّ بَلْ لَا عَزِيزَ إِلَّا هُوَ لِيَخْشَى كُلُّ مَنْ أَعَارَهُ ثَوْبَ عِزَّةٍ سَطْوَتَهُ، وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228حَكِيمٌ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا لِحِكْمَةٍ
[ ص: 303 ] بَالِغَةٍ تَسْلِيَةً لِلنِّسَاءِ وَإِنَّ مَا أَوْجَدَهُ بِعِزَّتِهِ وَأَتْقَنَهُ بِحِكْمَتِهِ لَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ.