ولما كان الإيلاء حلفا مقيدا وبين حكم مطلق اليمين قبله لتقدم المطلق على المقيد بانفكاكه عنه بينه دليلا على حلمه حيث لم يؤاخذهم به فقد كانوا يضارون به النساء في الجاهلية بأن يحلفوا على عدم الوطء أبدا فتكون المرأة لا أيما ولا ذات بعل وجعل لهم فيه مرجعا يرجعون إليه فقال في جواب من كأنه سأل عنه لما أشعر به ما تقدم:
nindex.php?page=treesubj&link=11822_28723_29694_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226للذين يؤلون أي يحلفون حلفا مبتدئا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226من نسائهم في صلب النكاح أو علقة الرجعة بما أفادته الإضافة بأن لا يجامعوهن أبدا أو فوق
[ ص: 290 ] أربعة أشهر فالتعدية بـ من تدل على أخذ في البعد عنهن.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : والإيلاء تأكيد الحلف وتشديده سواء كانوا أحرارا أو عبيدا أو بعضا وبعضا في حال الرضا أو الغضب محبوبا كان أو لا لأن المضارة حاصلة بيمينه
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226تربص أي إمهال وتمكث يتحمل فيه الصبر الذي هو مقلوب لفظه - انتهى.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226أربعة أشهر ينتظر فيها رجوعهم إليهن حلما من الله سبحانه وتعالى حيث لم يجعل الأمر بتاحين الحلف بفراق أو وفاق.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : ولما كان لتخلص المرأة من الزوج
[ ص: 291 ] أجل عدة كان أجلها مع أمد هذا التربص كأنه - والله سبحانه وتعالى أعلم - هو القدر الذي تصبر المرأة عن زوجها ، يذكر أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه سأل النساء عن قدر ما تصبر المرأة عن الزوج، فأخبرنه أنها تصبر ستة أشهر، فجعل ذلك أمد البعوث فكان التربص والعدة قدر ما تصبره المرأة عن زوجها، وقطع سبحانه وتعالى بذلك ضرار الجاهلية في الإيلاء إلى غير حد - انتهى وفيه تصرف.
ولما كان حالهم بعد ذلك مرددا بين تعالى قسميه فقال مفصلا له
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226فإن فاءوا أي رجعوا في الأشهر، وأعقبها عن المفاصلة إلى المواصلة، من الفيء وهو الرجوع إلى ما كان منه الانبعاث
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226فإن الله يغفر لهم ما قارفوه في ذلك من إثم ويرحمهم بإنجاح مقاصدهم لأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226غفور رحيم له هاتان الصفتان ينظر بهما إلى من
[ ص: 292 ] يستحقهما فيغفر ما في ذلك من جناية منهما أو من أحدهما إن شاء ويعامل بعد ذلك بالإكرام.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : وفي مورد هذا الخطاب بإسناده للأزواج ما يظافر معنى إجراء أمور النكاح على سترة وإعراض عن حكم الحكام من حيث جعل التربص له والفيء منه، فكأن الحكم من الحاكم إنما يقع على من هتك حرمة ستر أحكام الأزواج التي يجب أن تجري بين الزوجين من وراء ستر كما هو سر النكاح الذي هو سبب جمعهما ليكون حكم السر سرا وحكم الجهر جهرا - انتهى.
وَلَمَّا كَانَ الْإِيلَاءُ حَلِفًا مُقَيَّدًا وَبَيَّنَ حُكْمَ مُطْلَقِ الْيَمِينِ قَبْلَهُ لِتَقَدُّمِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِانْفِكَاكِهِ عَنْهُ بَيَّنَهُ دَلِيلًا عَلَى حِلْمِهِ حَيْثُ لَمْ يُؤَاخِذْهُمْ بِهِ فَقَدْ كَانُوا يُضَارُّونَ بِهِ النِّسَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِأَنْ يَحْلِفُوا عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ أَبَدًا فَتَكُونُ الْمَرْأَةُ لَا أَيِّمًا وَلَا ذَاتَ بَعْلٍ وَجَعَلَ لَهُمْ فِيهِ مَرْجِعًا يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ فَقَالَ فِي جَوَابِ مِنْ كَأَنَّهُ سَأَلَ عَنْهُ لِمَا أَشْعَرَ بِهِ مَا تَقَدَّمَ:
nindex.php?page=treesubj&link=11822_28723_29694_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ أَيْ يَحْلِفُونَ حَلِفًا مُبْتَدِئًا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226مِنْ نِسَائِهِمْ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ أَوْ عَلَقَةِ الرَّجْعَةِ بِمَا أَفَادَتْهُ الْإِضَافَةُ بِأَنْ لَا يُجَامِعُوهُنَّ أَبَدًا أَوْ فَوْقَ
[ ص: 290 ] أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَالتَّعْدِيَةُ بِـ مِنْ تَدُلُّ عَلَى أَخْذٍ فِي الْبُعْدِ عَنْهُنَّ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : وَالْإِيلَاءُ تَأْكِيدُ الْحَلِفِ وَتَشْدِيدُهُ سَوَاءٌ كَانُوا أَحْرَارًا أَوْ عَبِيدًا أَوْ بَعْضًا وَبَعْضًا فِي حَالِ الرِّضَا أَوِ الْغَضَبِ مَحْبُوبًا كَانَ أَوْ لَا لِأَنَّ الْمُضَارَّةَ حَاصِلَةٌ بِيَمِينِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226تَرَبُّصُ أَيْ إِمْهَالٌ وَتَمَكُّثٌ يَتَحَمَّلُ فِيهِ الصَّبْرَ الَّذِي هُوَ مَقْلُوبُ لَفْظِهِ - انْتَهَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يَنْتَظِرُ فِيهَا رُجُوعَهُمْ إِلَيْهِنَّ حِلْمًا مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَيْثُ لَمْ يَجْعَلِ الْأَمْرَ بِتَاحِينِ الْحَلِفِ بِفِرَاقٍ أَوْ وِفَاقٍ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : وَلَمَّا كَانَ لِتَخَلُّصِ الْمَرْأَةِ مِنَ الزَّوْجِ
[ ص: 291 ] أَجَلُ عِدَّةٍ كَانَ أَجَلُهَا مَعَ أَمَدِ هَذَا التَّرَبُّصِ كَأَنَّهُ - وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ - هُوَ الْقَدْرُ الَّذِي تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا ، يُذْكَرُ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سَأَلَ النِّسَاءَ عَنْ قَدْرِ مَا تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنِ الزَّوْجِ، فَأَخْبَرْنَهُ أَنَّهَا تَصْبِرُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَجَعَلَ ذَلِكَ أَمَدَ الْبُعُوثِ فَكَانَ التَّرَبُّصُ وَالْعِدَّةُ قَدْرَ مَا تَصْبِرُهُ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا، وَقَطَعَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِذَلِكَ ضِرَارَ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْإِيلَاءِ إِلَى غَيْرِ حَدٍّ - انْتَهَى وَفِيهِ تَصَرُّفٌ.
وَلَمَّا كَانَ حَالُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مُرَدَّدًا بَيَّنَ تَعَالَى قِسْمَيْهِ فَقَالَ مُفَصِّلًا لَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226فَإِنْ فَاءُوا أَيْ رَجَعُوا فِي الْأَشْهُرِ، وَأَعْقَبَهَا عَنِ الْمُفَاصَلَةِ إِلَى الْمُوَاصَلَةِ، مِنَ الْفَيْءِ وَهُوَ الرُّجُوعُ إِلَى مَا كَانَ مِنْهُ الِانْبِعَاثُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لَهُمْ مَا قَارَفُوهُ فِي ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ وَيَرْحَمُهُمْ بِإِنْجَاحِ مَقَاصِدِهِمْ لِأَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226غَفُورٌ رَحِيمٌ لَهُ هَاتَانِ الصِّفَتَانِ يَنْظُرُ بِهِمَا إِلَى مَنْ
[ ص: 292 ] يَسْتَحِقُّهُمَا فَيَغْفِرُ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ جِنَايَةٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا إِنْ شَاءَ وَيُعَامَلُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْإِكْرَامِ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِيُّ : وَفِي مَوْرِدِ هَذَا الْخِطَابِ بِإِسْنَادِهِ لِلْأَزْوَاجِ مَا يُظَافِرُ مَعْنَى إِجْرَاءِ أُمُورِ النِّكَاحِ عَلَى سُتْرَةٍ وَإِعْرَاضٍ عَنْ حُكْمِ الْحُكَّامِ مِنْ حَيْثُ جَعْلُ التَّرَبُّصِ لَهُ وَالْفَيْءِ مِنْهُ، فَكَأَنَّ الْحُكْمَ مِنَ الْحَاكِمِ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَنْ هَتَكَ حُرْمَةَ سِتْرِ أَحْكَامِ الْأَزْوَاجِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تَجْرِيَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ كَمَا هُوَ سِرُّ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ جَمْعِهِمَا لِيَكُونَ حُكْمُ السِّرِّ سِرًّا وَحُكْمُ الْجَهْرِ جَهْرًا - انْتَهَى.