ولما بين أمر الدعوة؛ وأوضح طرقها؛ وقدم أمر الهجرة؛ والإكراه في الدين؛ والفتن فيه؛ المشير إلى ما سبب ذلك من المحن؛ والبلاء من الكفار؛ ظلما؛ وختم ذلك بالأمر بالرفق بهم؛ عم؛ بعد ما خصه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - به من الأمر بالرفق؛ بالأمر لأشياعه بالعدل؛ والإحسان؛ كما تقدم؛ ولو مع أعدى الأعداء؛ والنهي عن مجازاتهم إلا على وجه العدل؛ فقال (تعالى):
nindex.php?page=treesubj&link=19573_30365_31788_32024_32350_34200_28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وإن عاقبتم ؛ أي: كانت لكم عاقبة عليهم؛ تتمكنون فيها من أذاهم؛
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126فعاقبوا بمثل ما [ ص: 282 ] ولما كان الأمر عاما في كل فعل؛ من المعاقبة من أي فاعل كان؛ فلم يتعلق بتعيين الفاعل غرض؛ بنى للمفعول قوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126عوقبتم به ؛ وفي ذلك إشارة - على ما جرت به عوائد الملوك في كلامهم - إلى إدالتهم عليهم؛ وإسلامهم في يديهم؛ وجعله بأداة الشك إقامة بين الخوف؛ والرجاء.
ولما أباح لهم درجة العدل؛ رقاهم إلى رتبة الإحسان؛ بقوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126ولئن صبرتم ؛ بالعفو عنهم؛
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126لهو ؛ أي: الصبر؛
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126خير للصابرين ؛ وأظهر في موضع الإضمار؛ تعميما؛ وتعليقا بالوصف.
وَلَمَّا بَيَّنَ أَمْرَ الدَّعْوَةِ؛ وَأَوْضَحَ طُرُقَهَا؛ وَقَدَّمَ أَمْرَ الْهِجْرَةِ؛ وَالْإِكْرَاهِ فِي الدِّينِ؛ وَالْفَتْنِ فِيهِ؛ الْمُشِيرِ إِلَى مَا سَبَّبَ ذَلِكَ مِنَ الْمِحَنِ؛ وَالْبَلَاءِ مِنَ الْكُفَّارِ؛ ظُلْمًا؛ وَخَتَمَ ذَلِكَ بِالْأَمْرِ بِالرِّفْقِ بِهِمْ؛ عَمَّ؛ بَعْدَ مَا خَصَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - بِهِ مِنَ الْأَمْرِ بِالرِّفْقِ؛ بِالْأَمْرِ لِأَشْيَاعِهِ بِالْعَدْلِ؛ وَالْإِحْسَانِ؛ كَمَا تَقَدَّمَ؛ وَلَوْ مَعَ أَعْدَى الْأَعْدَاءِ؛ وَالنَّهْيِ عَنْ مُجَازَاتِهِمْ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْعَدْلِ؛ فَقَالَ (تَعَالَى):
nindex.php?page=treesubj&link=19573_30365_31788_32024_32350_34200_28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وَإِنْ عَاقَبْتُمْ ؛ أَيْ: كَانَتْ لَكُمْ عَاقِبَةٌ عَلَيْهِمْ؛ تَتَمَكَّنُونَ فِيهَا مِنْ أَذَاهُمْ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا [ ص: 282 ] وَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ عَامًّا فِي كُلِّ فِعْلٍ؛ مِنَ الْمُعَاقَبَةِ مِنْ أَيِّ فَاعِلٍ كَانَ؛ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِتَعْيِينِ الْفَاعِلِ غَرَضٌ؛ بَنَى لِلْمَفْعُولِ قَوْلَهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126عُوقِبْتُمْ بِهِ ؛ وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ - عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَوَائِدُ الْمُلُوكِ فِي كَلَامِهِمْ - إِلَى إِدَالَتِهِمْ عَلَيْهِمْ؛ وَإِسْلَامِهِمْ فِي يَدَيْهِمْ؛ وَجَعْلِهِ بِأَدَاةِ الشَّكِّ إِقَامَةً بَيْنَ الْخَوْفِ؛ وَالرَّجَاءِ.
وَلَمَّا أَبَاحَ لَهُمْ دَرَجَةَ الْعَدْلِ؛ رَقَّاهُمْ إِلَى رُتْبَةِ الْإِحْسَانِ؛ بِقَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ ؛ بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126لَهُوَ ؛ أَيْ: الصَّبْرُ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ؛ وَأَظْهَرَ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ؛ تَعْمِيمًا؛ وَتَعْلِيقًا بِالْوَصْفِ.